كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عمرو بن قميئة ونسبه

صفحة 349 - الجزء 18

  لأمتنعنّ منه خوف الدّناءة والذّكر القبيح الشّائع عنّي في العرب، قالت: واللَّه لتفعلنّ أو لأسوأنّك، قال: إلى المساءة تدعينني. ثم قام فخرج من عندها، وخافت أن يخبر عمّه بما جرى، فأمرت بجفنة فكفئت على أثر عمرو، فلما رجع عمّه وجدها متغضّبة، فقال لها: ما لك؟ قالت: إنّ رجلا من قومك قريب القرابة، جاء يستامني نفسي ويريد فراشك منذ خرجت، قال: من هو؟ قالت: أما أنا فلا أسمّيه، ولكن قم فافتقد أثره تحت الجفنة، فلما رأى الأثر عرفه.

  هروبه من عمه إلى الحيرة

  قال مؤرّج في خبره: فحدّثني أبو برزة وعلقمة بن سعد وغيرهما من بني قيس بن ثعلبة، قالوا:

  وكان لمرثد سيف يسمّى ذا الفقار، فأتى ليضربه به، فهرب فأتى الحيرة، فكان عند اللَّخميّين ولم يكن يقوى على بني مرثد لكثرتهم، وقال لعمرو بن هند: إنّ القوم اطَّردوني، فقال له: ما فعلوا إلا وقد أجرمت، وأنا أفحص / عن أمرك، فإن كنت مجرما ما رددتك إلى قومك، فغضب وهمّ بهجائه وهجاء مرثد، ثم أعرض عن ذلك، ومدح عمّه واعتذر إليه، انتهى.

  وأما أبو عمرو فإنّه قال:

  لما سمع مرثد بذلك، هجر عمرا وأعرض عنه، ولم يعاقبه⁣(⁣١) لموضعه من قلبه، فقال عمرو يعتذر إلى عمّه:

  خليليّ لا تستعجلا أن تزوّدا ... وأن تجمعا شملي وتنتظرا غدا

  فما لبثي يوما بسائق مغنم ... ولا سرعتي يوما بسائقة الرّدى⁣(⁣٢)

  وإن تنظراني⁣(⁣٣) اليوم أقض لبانة ... وتستوجبا منّا عليّ وتحمدا

  لعمرك ما نفس بجدّ رشيدة ... تؤامرني سوءا⁣(⁣٤) لأصرم مرثدا

  وإن ظهرت مني قوارص جمّة ... وأفرع من لومي مرارا وأصعدا⁣(⁣٥)

  على غير جرم أن أكون جنيته ... سوى قول باغ كادني فتجهّدا

  لعمري لنعم المرء تدعو بخيله⁣(⁣٦) ... إذا ما المنادي في المقامة ندّدا

  عظيم رماد القدر لا متعبّس ... ولا مؤيس منها إذا هو أوقدا

  وإن صرّحت كحل⁣(⁣٧) وهبّت عريّة ... من الرّيح لم تترك من المال مرفدا

  صبرت على وطء الموالي وخطبهم⁣(⁣٨) ... إذا ضنّ ذو القربى عليهم وأخمدا

  يعني أخمد ناره بخلا، وروى: أجمدا. المجمد: البخيل.


(١) في ب: يعاتبه.

(٢) في ف:

«فما كنت يوما ..... ولا سرعتي يوما بسابقة «

وفي «الديوان»:

«فما لبث يوما بسابق مغنم ..... بسابقة الردى «

(٣) في ب: «وإن تنظرا في اليوم».

(٤) في ف، و «الديوان» ١١: سرا.

(٥) في ب: «وأفرغ من لؤمي»، تحريف.

(٦) في ب: بخلة، وفي «الديوان» ١١: تدعو بحبله.

(٧) كحل: السنة الشديدة المجدبة. وفي ف: عجل. والعرية: الباردة. والمرفد: ما يعطى للضيف.

(٨) في هب: «وحطهم». وفي ف، بيروت، و «الديوان» ١٢: «وحطمهم».