أخبار ابن مناذر ونسبه
  مثل امتداحك لي بلا ورق(١) ... مثل الجدار بني على خصّ
  وألذّ عندي من مديحك لي ... سود النّعال وليّن القمص
  فإذا عزمت فهيّ لي ورقا ... فإذا فعلت فلست أستعصي
  فلما قرأها ابن مناذر قام إليه فقال له: ويلك، أأنت أبو نواس؟ قال: نعم، فسلَّم عليه وتعانقا، وكان ذلك أوّل المودّة بينهما.
  خبره مع أبي العتاهية
  أخبرني محمّد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثني أبو حاتم، قال:
  اجتمع أبو العتاهية ومحمد بن مناذر، فقال له أبو العتاهية: يا أبا عبد اللَّه، كيف أنت في الشّعر؟ قال: أقول في الليلة إذا سنح القول لي، واتّسعت القوافي عشرة أبيات إلى خمسة عشر، فقال له أبو العتاهية: لكنّي لو شئت أن أقول في الليلة ألف بيت لقلت، فقال ابن مناذر: أجل واللَّه إذا أردت أن أقول مثل قولك:
  ألا يا عتبة السّاعة ... أموت السّاعة السّاعة
  قلت: ولكني لا أعوّد نفسي مثل هذا الكلام السّاقط، ولا أسمح لها به، فخجل أبو العتاهية وقام يجرّ رجله.
  / أخبرني به الحسن بن عليّ، قال: حدثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني سهل بن محمد أبو حاتم، وأحمد بن يعقوب بن المنير ابن أخت أبي بكر الأصمّ. قال ابن مهرويه: وحدثني به يحيى بن الحسن(٢) الرّبيعيّ، عن غسّان بن المفضّل(٣)، قال:
  اجتمع أبو العتاهية، وابن مناذر، فاجتمع الناس إليهما، وقالوا: هذان شيخا الشّعراء(٤)، فقال أبو العتاهية لابن مناذر: يا أبا عبد اللَّه، كم تقول في اليوم من الشّعر؟ وذكر باقي الخبر مثل المتقدم سواء.
  رفض خلف الأحمر أن يقيس شعره إلى شعر الجاهليين
  أخبرني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: حدّثنا العباس بن ميمون طائع، قال:
  سمعت الأصمعيّ يقول: حضرنا مأدبة ومعنا أبو محرز خلف الأحمر، وحضرها ابن مناذر، فقال لخلف الأحمر: يا أبا محرز، إن يكن النّابغة، وامرؤ القيس، وزهير، قد ماتوا فهذه أشعارهم مخلَّدة فقس شعري إلى شعرهم، واحكم فيها بالحقّ، فغضب خلف، ثم أخذ صحفة / مملوءة مرقا فرمى بها عليه فملأه، فقام ابن مناذر مغصبا، وأظنه هجاه بعد ذلك.
  طلب من أبي عبيدة أن يحكم بين شعره وشعر عدي بن زيد
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدّثنا خلَّاد(٥) الأرقط، قال:
(١) الورق: الدراهم المضروبة.
(٢) ف: بن الحسين.
(٣) ب، س: الفضل.
(٤) ف: شيخا الشعر.
(٥) ب، س: حماد الأرقط.