نسب أشجع وأخباره
  ولأسيافهم فرى غير لذّ ... راجع في مراجع الأكتاف
  معشر يطعمون من ذروة الشّو ... ل ويسقون خمرة الأقحاف(١)
  يضربون الجبّار في أخدعيه ... ويسقّونه نقيع الذّعاف(٢)
  فشاع شعره وبلغ البصرة، ولم يزل أمره يتراقى إلى أن وصلته زبيدة بعد وفاة أبيها بزوجها هارون الرشيد، فأسنى جوائزه، وألحقه بالطَّبقة العليا من الشّعراء.
  الفضل بن الربيع يصله بالرشيد فيمدحه ثم يمدح الفضل
  أخبرني عمّي، قال: حدّثني أحمد بن المرزبان، قال: حدّثني شيبة بن أحمد بن هشام، قال: حدّثني أحمد / بن العباس الرّبيعيّ:
  أن الذي أوصل أشجع السّلميّ إلى الرّشيد جدّه الفضل بن الربيع، وأنه أوصله له وقال له: هو أشعر شعراء أهل هذا الزّمان، وقد اقتطعته عنك البرامكة، فأمره بإحضاره وإيصاله مع الشعراء ففعل، فلمّا وصل إليه أنشده قوله:
  /
  قصر عليه تحيّة وسلام ... نثرت عليه جمالها الأيّام
  فيه اجتلى الدّنيا الخليفة والتقت ... للملك فيه سلامة وسلام
  قصر سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام
  نشرت عليه الأرض كسوتها التي ... نسج الرّبيع وزخرف الإرهام(٣)
  أنتك من ظلّ النّبيّ وصيّة ... وقرابة وشجت بها الأرحام
  برقت سماؤك في العدوّ وأمطرت ... هاما لها ظلّ السّيوف غمام
  وإذا سيوفك صافحت هام العدا ... طارت لهنّ عن الرؤوس الهام
  أثنى على أيّامك الأيّام ... والشّاهدان: الحلّ والإحرام
  وعلى عدوّك يا بن عمّ محمّد ... رصدان: ضوء الصّبح والإظلام
  فإذا تنبّه رعته، وإذا غفا ... سلَّت عليه سيوفك الأحلام
  قال: فاستحسنها الرّشيد، وأمر له بعشرين ألف درهم، فمدح الفضل بن الرّبيع، وشكر له إيصاله إيّاه إلى الرشيد، فقال فيه قصيدته الَّتي أوّلها:
  غلب الرّقاد على جفون المسهد ... وغرقت في سهر وليل سرمد
  قد جدّ بي سهر فلم أرقد له ... والنّوم يلعب في جفون الرّقّد
  ولطالما سهرت لحبّي أعين ... أهدى السّهاد لها ولمّا أسهد
  أيّام أرعى في رياض بطالة ... ورد الصّبا منها الذي لم يورد
  لهو يساعده الشّباب ولم أجد ... بعد الشّبيبة في الهوى من مسعد(٤)
(١) الشول: الناقة. والأقحاف جمع قحف وهو إناء من خشب مثل قحف الرأس كأنه نصف قدح. وفي ب: «خمرة الإتحاف».
(٢) الأخدعان: عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا. والذعاف: السم.
(٣) أرهمت السماء: أتت بالرهمة، وهي المطر الضعيف.
(٤) أسعده: أعانه فهو مسعد.