أخبار ابن مفرغ ونسبه
  إلا فيه، وانتسبوا له، فضحك وقال: أفلا أسمعكم من قوله أيضا؟ قالوا: بلى، فأنشدهم قوله:
  لعمري لو كان الأسير ابن معمر ... وصاحبه أو شكله ابن أسيد
  ولو أنّهم نالوا أميّة أرقلت(١) ... براكبها الوجناء نحو يزيد
  فأبلغت عذرا في لؤيّ بن غالب ... وأتلفت فيهم طارفي وتليدي
  فإن لم يغيّرها الإمام بحقّها ... عدلت إلى شمّ شوامخ صيد
  فناديت فيهم دعوة يمنيّة ... كما كان آبائي دعوا وجدودي
  / ودافعت حتّى أبلغ الجهد عنهم ... دفاع امرئ في الخير غير زهيد
  فإن لم تكونوا عند ظنّي بنصركم ... فليس لها غير الأغرّ سعيد
  بنفسي وأهلي ذاك حيّا وميّتا ... نضار وعود المرء أكرم عود
  فكم من مقام في قريش كفيته ... ويوم يشيب الكاعبات شديد
  وخصم تحاماه لؤيّ بن غالب ... شببت له ناري فهاب وقودي
  وخير كثير قد أفأت عليكم ... وأنتم رقود أو شبيه رقود
  قال: فاسترجع القوم لقوله وقالوا: واللَّه لا نغسل رؤوسنا في العرب إن لم نغسلها(٢) بفكَّه. فأغذّ القوم السّير حتى قدموا الشّأم.
  وفد اليمانية يذهب إلى يزيد بن معاوية
  وبعث ابن مفرّغ(٣) رجلا من بني الحارث بن كعب، فقام على سور حمص، فنادى بأعلى صوته الحصين(٤) ابن نمير - وكان والي حمص - بهذه الأبيات وكان عظيم الجبهة:
  /
  أبلغ لديك بني قحطان قاطبة ... عضّت بأير أبيها سادة اليمن
  أمسى دعيّ زياد فقع قرقرة ... يا للعجائب يلهو بابن ذي يزن!
  والحميريّ طريح وسط مزبلة ... هذا لعمركم غبن من الغبن
  والأجبه ابن نمير فوق مفرشه ... يدنو إلى أحور العينين ذي غنن(٥)
  قوموا فقولوا: أمير المؤمنين لنا ... حقّ عليك ومنّ ليس كالمنن
  فاكفف دعيّ زياد عن أكارمنا ... ماذا يريد على الأحقاد والإحن(٦)
  فاجتمعت اليمانية إلى حصين، فعيّروه بما قاله ابن مفرّغ، فقال الحصين: ليس لي رأي دون يزيد بن أسد، ومخرمة بن شرحبيل، فأرسل إليهما، فاجتمعوا في منزل الحصين، فقال لهما الحصين: اسمعا ما أهدى إليّ شاعركم وقاله لكم في أخيكم - يعني نفسه - وأنشدهم، فقال يزيد بن أسد: قد جئتكم بأعظم من هذا، وهو قوله:
(١) أرقلت: أسرعت، من الإرقال وهو ضرب من الخبب.
(٢) مد: «إن لم يغتسلها». وفي ما: «إن لم نغتسلها». وفي ف: «إن لم نستقلها».
(٣) ب: «وبعث إلى ابن مفرغ رجلا ...» تحريف.
(٤) ف: «الحصن بن نمير».
(٥) الأجبه: العظيم الجبهة. والغنن جمع غنة، وهو صوت من اللهاة والأنف.
(٦) ب، ما، مد:
«ماذا تريد إلى الأحقاد والإحن»