كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن مفرغ ونسبه

صفحة 442 - الجزء 18

  ليس الكريم بمن يخلَّف أمّه ... وفتاته في المنزل الجعجاع⁣(⁣١)

  حذر المنيّة والرّماح تنوشه ... لم يرم دون نسائه بكراع⁣(⁣٢)

  متأبّطا سيفا عليه يلمق⁣(⁣٣) ... مثل الحمار أثرته بيفاع

  / لا خير في هذر يهزّ⁣(⁣٤) لسانه ... بكلامه والقلب غير شجاع

  لابن الزّبير غداة يذمر⁣(⁣٥) منذرا ... أولى بغاية كلّ يوم وقاع

  وأحقّ بالصبر الجميل من امرئ ... كزّ أنامله قصير الباع

  جعد اليدين عن السّماحة⁣(⁣٦) والنّدى ... وعن الضّريبة فاحش منّاع

  / كم يا عبيد اللَّه⁣(⁣٧) عندك من دم ... يسعى ليدركه بقتلك ساع

  ومعاشر أنف أبحت حريمهم ... فرّقتهم من بعد طول جماع

  اذكر حسينا وابن عروة هانئا ... وابني عقيل فارس المرباع

  وقال أيضا يذكر هربه:

  أقرّ بعيني أنّه عقّ أمّه⁣(⁣٨) ... دعته فولَّاها استه وهو يهرب

  وقال: عليك الصبر كوني سبيّة ... كما كنت أو موتي؛ فذلك أقرب

  وقد هتفت هند: بماذا أمرتني؟ ... أبن لي وحدّثني إلى أين أذهب؟

  فقال: اقصدي للأزد في عرصاتها⁣(⁣٩) ... وبكر فما إن عنهم متجنّب

  أخاف تميما والمسالح⁣(⁣١٠) دونها ... ونيران أعدائي عليّ تلهّب

  وولَّى وماء العين يغسل وجهها⁣(⁣١١) ... كأن لم يكن والدّهر بالناس قلَّب

  بما قدّمت كفّاك لا لك مهرب ... إلى أيّ قوم والدّماء تصبّب

  فكم من كريم قد جررت جريرة ... عليه فمقبور وعان يعذّب

  ومن حرّة زهراء قامت بسحرة ... تبكَّي قتيلا أو صدى يتأوّب⁣(⁣١٢)

  فصبرا عبيد بن العبيد فإنما ... يقاسي الأمور المستعدّ المجرّب

  وذق كالذي قد ذاق منك معاشر ... لعبت بهم إذ أنت بالنّاس تلعب


(١) الجعجاع: الضيق الخشن الغليظ.

(٢) الكراع: الخيل. ويقال: فلان ما ينضح الكراع أي ضعيف الدفاع.

(٣) اليلمق: القباء.

(٤) ف: «يهد لسانه».

(٥) يذمر: يهدد.

(٦) ب، ف: «على السماحة».

(٧) ف: «يا عدي اللَّه».

(٨) ب: «أفر عبيد والسيوف عن أمه».

(٩) العرصة: ساحة الدار، وهي البقعة الواسعة بين الدور التي ليس فيها بناء.

(١٠) المسالح جمع مسلحة وهي موضع السلاح أو القوم ذوو السلاح.

(١١) ف: «يغسل جفنها».

(١٢) ف: «وكم حرّة زهراء». وفي ب، ما: «أو فتى يتأوب». ويتأوب: يرجع.