أخبار ابن مفرغ ونسبه
  أفي أحسابنا تزري علينا ... هبلت وأنت زائدة الكراع(١)
  تبغّيت الذّنوب عليّ جهلا ... جنونا ما جننت ابن اللَّكاع(٢)
  فما أسفي على تركي سعيدا ... وإسحاق بن طلحة واتّباعي
  ثنايا الوبر عبد بني علاج ... عبيدة(٣) فقع قرقرة بقاع
  إذا ما راية رفعت لمجد ... وودّع أهلها خير الوداع
  فأير في است أمّك من أمير ... كذاك يقال للحمق اليراع(٤)
  ولا بلَّت سماؤك من أمير ... فبئس معرّس الرّكب الجياع(٥)
  ألم تر إذ تحالف حلف حرب ... عليك غدوت(٦) من سقط المتاع
  وكدت تموت أن صاح ابن آوى ... ومثلك مات من صوت السّباع
  ويوم فتحت سيفك من بعيد ... أضعت وكلّ أمرك للضّياع
  / إذا أودى معاوية بن حرب ... فبشّر شعب قعبك(٧) بانصداع
  فأشهد أنّ أمّك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع
  ولكن كان أمرا فيه لبس ... على عجل شديد وارتياع
  قال: وكان عبّاد في بعض حروبه ذات ليلة نائما في عسكره، فصاحت بنات آوى، فثارت الكلاب إليها، ونفر بعض الدّوابّ ففزع عبّاد وظنها كبسة من العدوّ، فركب فرسه ودهش، فقال: افتحوا سيفي، فعيّره بذلك ابن مفرّغ.
  ومما قاله ابن مفرّغ في هجاء بني زياد وغنّي فيه:
  صوت
  كم بالدّروب وأرض الهند من(٨) قدم ... ومن جماجم قتلى ما هم قبروا
  ومن سرابيل أبطال مضرّجة ... ساروا إلى الموت ما خاموا(٩) ولا ذعروا
  بقندهار(١٠) ومن تحتم منيّته ... بقندهار يرجّم دونه الخبر
  غنّى في هذه الأبيات ابن جامع:
  أجدّ أهلك، لا يأتيهم خبر ... منّا ولا منهم عين ولا أثر
  / ولم تكلَّم قريش في حليفهم ... إذ غاب أنصاره بالشّام واحتضروا
(١) ف: «وأنت هبلت زائدة الكراع». والكراع من كل شيء: طرفه.
(٢) امرأة لكاع: لئيمة، ولم يرد هذا البيت في ف.
(٣) ف: «عبيدا». والوبر: حيوان في حجم الأرنب.
(٤) اليراع: الجبان. وجاء هذا البيت في ف مكان الذي قبله.
(٥) «ولا بلت سماؤك»: يدعو عليه بالجدب. والمعرّس: مكان التعريس أي النزول.
(٦) ف: «عددت».
(٧) القعب: القدح الضخم. وفي «المختار»: «شعب قلبك».
(٨) ب، ما، مد:
... وأرض الروم من قرم»
وفي «معجم ياقوت»:
«كم بالجروم ...»
(٩) خاموا: جبنوا. وفي ف: «ما خافوا».
(١٠) في «معجم ياقوت»: قندهار: مدينة من بلاد السند أو الهند، سار إليها عباد بن زياد وفتحها.