أخبار ابن مفرغ ونسبه
  أنّي ابتليت بحيّة ساورته(١) ... بيد لعمري لم تكن لي رابحه
  صفق المبخّل صفقة ملعونة ... جرّت عليه من البلايا فادحه(٢)
  شتّان من بطحاء مكَّة داره ... وبنو المضاف إلى السّباخ المالحه
  جعدت أنامله ولام نجاره ... وبذاك تخبرنا الظَّباء السانحه
  فإذا أميّة صلصلت أحسابها ... فبنو زياد في الكلاب النّابحه
  قالوا: يناك، فقلت: في جوف استه ... وبذاك خبّرني الصّدوق الفاضحة
  لم يبق أير أسود أو أبيض ... إلَّا له استك في الخلاء مصافحه
  مقتل عبيد اللَّه وشعر ابن مفرغ في ذلك
  وأخبرني إبراهيم بن السريّ بن يحيى، قال: حدّثني أبي، عن شعيب، عن سيف، قال:
  لما قتل / عبيد اللَّه بن زياد يوم الزّاب، قتله أصحاب المختار بن أبي عبيد ويقال: إن إبراهيم بن الأشتر حمل على كتيبته فانهزموا، ولقي عبيد اللَّه فضربه فقتله، وجاءه إلى أصحابه فقال: إنّي ضربت رجلا فقددته نصفين فشرّقت يداه وغرّبت رجلاه، وفاح منه المسك، وأظنّه ابن مرجانة، وأومأ لهم إلى موضعه، فجاؤوا إليه وفتّشوا عليه، فوجدوه كما ذكر، وإذا هو ابن زياد، فقال ابن مفرّغ يهجوه:
  إنّ الَّذي عاش ختّارا(٣) بذمّته ... وعاش عبدا قتيل اللَّه بالزّاب
  العبد للعبد لا أصل ولا طرف(٤) ... ألوت به ذات أظفار وأنياب
  إن المنايا إذا ما زرن(٥) طاغية ... هتكن عنه ستورا بين أبواب
  / هلَّا جموع نزار إذا لقيتهم ... كنت امرأ من نزار(٦) غير مرتاب
  لا أنت زاحمت عن ملك فتمنعه ... ولا مددت إلى قوم بأسباب(٧)
  ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة ... ولا بكتك جياد عند أسلاب
  لا يترك اللَّه أنفا تعطسون بها ... بني العبيد شهودا غير غيّاب
  أقول بعدا وسحقا عند مصرعه ... لابن الخبيثة وابن الكودن الكابي(٨)
  الحسين بن علي يتمثل بالبيتين الأخيرين من هذه القصيدة
  والقصيدة المذكورة بها غناء فيه منها، وقال:
  حيّ ذا الزّور وانهه أن يعودا ... إنّ بالباب حارسين قعودا
(١) ب: «ساورتهم». والحية: الأفعى (تذكر وتؤنث) فيقال: هو الحية وهي الحية.
(٢) لم يرد هذا البيت والذي بعده في ف.
(٣) الختّار: الغادر.
(٤) الطرف: الشريف.
(٥) ب: «رزن».
(٦) ف، «التجريد»: «من قريش».
(٧) «التجريد»، ف: «بأحساب».
(٨) الكودن: البرذون الهجين أو البغل. والكابي: المنكب على وجهه.