أخبار الزبير بن دحمان
  أسعد بدمعك يا أبا العوّام ... صبّا صريع هوى ونضو سقام
  ذكر الأحبّة فاستجنّ وهاجه ... للشوق نوح حمامة وحمام
  لم يبد ما في الصّدر إلَّا أنّه ... حيّا العراق وأهله بسلام
  ودعاه داع للهوى فأجابه ... شوقا إليه وقاده بزمام
  الشّعر والغناء لإسحاق ثقيل أول بالوسطى عن عمرو، وهذا الشعر قاله إسحاق وهو بالرّقّة مع الرّشيد يتشوّق إلى العراق.
  إسحاق يغني الرشيد بالرقة شعرا يحنّ فيه إلى بغداد
  أخبرني عمّي قال: حدثني عليّ بن محمد بن نصر، قال: حدّثني جدّي حمدون(١) بن إسماعيل، قال: قال لي إسحاق:
  كنّا مع الرشيد بالرّقّة، وخرج يوما إلى ظهرها يصيد(٢)، وكنت في موكبه أساير الزّبير بن دحمان فذكَّرني بغداد وطيبها وأهلي وإخواني وحرمي فتشوّقت لذلك شوقا شديدا، وعرض لي همّ وفكر حتى أبكاني، فقال لي الزّبير: ما لك يا أبا محمد؟ فشكوت إليه ما عرض لي، وقلت:
  أسعد بدمعك يا أبا العوّام ... صبّا صريع هوى ونضو سقام
  وذكر باقي الأبيات، وعلمت أن الخبر سينمي إلى الرشيد، فصنعت في الأبيات لحنا، فلما جلس الرّشيد للشّرب ابتدأت فغنّيته إياه، فقال لي: تشوّقت واللَّه يا إسحاق وشوّقت وبلغت ما أردت، وأمر لي بثلاثين ألف درهم، وللزّبير بعشرين ألفا، ورحل إلى بغداد بعد أيّام.
  الفضل بن الربيع يغضب من إسحاق
  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى المنجّم، قال: أخبرني أبي، قال: قال لي إسحاق، / وأخبرني به الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عمرو(٣) بن أبي سعد، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن مالك، عن إسحاق قال:
  جاءني الزّبير بن دحمان ذات يوم مسلَّما، فاحتبسته فقال: قد أمرني الفضل بن الرّبيع بأن أصير إليه فقلت:
  أقم يا أبا العوّام ويحك نشرب ... ونلهو مع اللَّاهين يوما ونطرب
  إذا ما رأيت اليوم قد جاء خيره ... فخذه بشكر واترك الفضل يغضب
  / قال: فأقام عندي فشربنا باقي يومنا، ثم سار(٤) الزّبير إلى الفضل، فسأله عن سبب تأخره عنه، فحدّثه بالحديث، وأنشده الشعر، فغضب وحوّل وجهه عنّي، وأمر عونا حاجبه ألَّا يدخلني اليوم ولا يستأذن لي عليه، ولا يوصّل لي رقعة إليه، قال: فقلت:
(١) ب: «جدي عن حمدون بن إسماعيل».
(٢) ف: «يتصيّد».
(٣) ف: «عبد اللَّه بن عمر».
(٤) ف: «صار».