كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الزبير بن دحمان

صفحة 460 - الجزء 18

  الرشيد يفضل لحنه على عشرين لحنا صنعها زملاؤه

  أخبرني عمّي، قال: حدّثني عليّ بن محمد، عن جدّه حمدون، قال:

  تشوّق الرّشيد بغداد وهو بالرّقّة، فانحدر إليها، وأقام بها مدّة، وخلَّف هناك بعض جواريه، وكانت حظيّة له فيهن خلَّفها لمغاضبة كانت بينه وبينها، فتشوّقها تشوّقا شديدا، وقال فيها:

  صوت

  سلام على النّازح المغترب ... تحيّة صبّ به مكتئب

  غزال مراتعه بالبليخ ... إلى دير زكَّى فجسر الخشب⁣(⁣١)

  أيا من أعان على نفسه ... بتخليفه طائعا من أحبّ

  سأستر والسّتر من شيمتي ... هوى من أحبّ لمن لا أحبّ⁣(⁣٢)

  وجمع المغنين، فحضر إبراهيم الموصليّ، وابن جامع، وفليح، وزبير بن دحمان، والمعلَّى بن طريف، وحسين بن محرز، وسليم بن سلام، ويحيى المكيّ، وابنه، وإسحاق، وأبو زكار / الأعمى، وأعطاهم الشعر وقال: ليعمل كل واحد منكم فيه / لحنا. قال: فلقد عملوا فيه عشرين لحنا، فما أعجب منها إلا بلحن الزّبير وحده، أعجب به إعجابا شديدا، وأجازه خاصّة دون الجماعة بجائزة سنيّة.

  غنّى إبراهيم في هذه الأبيات ولحنه ما خوريّ بالوسطى⁣(⁣٣)، ولفليح فيها ثاني ثقيل بالوسطى، ولابن جامع رمل بالبنصر، ولابن المكيّ ثقيل أول بالوسطى، وللزبير بن دحمان خفيف ثقيل بالسبابة في تجرى البنصر، وللمعلَّى خفيف رمل بالوسطى، ولإسحاق رمل بالوسطى، وللحسين بن محرز هزج بالوسطى.

  صوت

  يا ناعش الجدّ إذا الجدّ عثر ... وجابر العظم إذا العظم انكسر

  أنت ربيعي والرّبيع ينتظر ... وخير أنواء⁣(⁣٤) الرّبيع ما بكر

  الشعر للعمانيّ الراجز، والغناء لشارية خفيف رمل، من كتاب ابن المعتز وروايته.


(١) ب: «بقصر الخشب»، وفي ف: «بقصر الحزب». والبليخ: نهر بالرقة. ودير زكي: دير بالرها.

(٢) ب: «هوى من أحب بمن لا أحب».

(٣) ف: «ولحنه ماخوري بالوسطى ولابن صغير العين خفيف ثقيل بالسبابة في مجرى البنصر وللمعلى خفيف رمل ... الخ».

(٤) ب: «أنواع».