كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مخارق وأخباره

صفحة 492 - الجزء 18

  لحن مخارق في هذين البيتين ثقيل أول من جامع صنعته، وفيهما لإبراهيم الموصليّ ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو بن بانة. وذكر حبش أنّ فيهما لإبراهيم بن المهديّ لحنا ماخوريّا.

  نصح إبراهيم بن المهدي شارية بألَّا تتشبه به في تزايده وإلا هلكت

  أخبرني أحمد بن جعفر جحظة، قال: حدّثني هبة اللَّه بن إبراهيم بن المهديّ، قال:

  غنّت شارية يوما بحضرة أبي صوتا، فأحدّ النظر إليها وصبر حتى قطعت نفسها ثم قال لها: أمسكي، فأمسكت، فقال لها: قد عرفت إلى أيّ شيء ذهبت؛ أردت أن تتشبّهي بمخارق في تزايده، قالت: نعم يا سيدي.

  قال: إيّاك ثم إياك أن تعودي، فإن مخارقا خلقه اللَّه وحده في طبعه وصوته ونفسه، يتصرّف في ذلك أجمع كيف أحبّ، ولا يلحقه في ذلك أحد، وقد أراد غيرك أن يتشبه به في هذه الحال فهلك، وافتضح ولم يلحقه، فلا أسمعنّك تتعرّضين لمثل هذا بعد وقتك هذا⁣(⁣١).

  غلمان المعتصم يتركونه ويجتمعون لسماع مخارق فيعذرهم

  أخبرني عمّي، قال: حدّثني عليّ بن محمد بن نصر البسّامي، قال: حدثني خالي أبو عبد اللَّه عن أبيه، قال:

  كنّا بين يدي المعتصم ذات ليلة نشرب إلى أن سكرنا جميعا، فقام، فنام⁣(⁣٢) وتوسّدنا أيدينا⁣(⁣٢) ونمنا في مواضعنا، ثمّ انتبه فصاح فلم يجبه أحد، وسمعنا صياحه فتبادرنا نسأل عن الغلمان، فإذا مخارق قد انتبه قبلنا فخرج إلى الشّطَّ يتنسّم الهواء، واندفع يغنّي، فتلاحق به الغلمان جميعا، فجئت إلى المعتصم فأخبرته وقلت: مخارق على الشّطَّ يغنّي والغلمان قد اجتمعوا عليه، فليس فيهم فضل لشيء غير استماعه، فقال لي: يا بن حمدون، عذر واللَّه وأيّ عذر! ثمّ جلس وجلسنا بين يديه إلى السّحر.

  المأمون يسأل إسحاق عن غناء مخارق وإبراهيم بن المهدي

  وذكر محمد بن الحسن⁣(⁣٣) الكاتب أنّ أبان بن سعيد حدّثه:

  أنّ المأمون سأل إسحاق عن إبراهيم بن المهديّ ومخارق، فقال: يا أمير / المؤمنين، إذا تغنّى إبراهيم بعلمه فضل مخارقا، وإذا تغنّى مخارق بطبعه وفضل صوته فضل إبراهيم، فقال له: صدقت.

  غنى الأمين فخلع عليه جبة ثم ندم حين رآها عليه

  نسخت من كتاب هارون بن الزّيات:

  حدّثني هارون بن مخارق عن أبيه، قال: دعاني محمد الأمين يوما وقد اصطبح فاقترح عليّ:

  استقبلت ورق الرّيحان تقطفه ... وعنبر الهند والورديّة الجددا

  ألست تعرفني في الحيّ جارية ... ولم أخنك ولم ترفع إليّ يدا⁣(⁣٤)


(١) ف: «بعد وقبل هذا».

(٢ - ٢) التكملة من ما.

(٣) ف: «محمد بن الحسين الكاتب».

(٤) س: ... ولم أرفع إليك يدا».