كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مخارق وأخباره

صفحة 496 - الجزء 18

  وتدخل نفسك فيما لا تحسنه! فقال: ألا تراه يا أمير المؤمنين يصيّرني مغنّيا! فقال له إسحاق: ولم تجحد ذلك! أو أسررت إليّ منه شيئا لم تظهره للناس وتعلَّمهم إياه! ومتى صرت تأنف من هذا وأنت تتبحبح به! فليتك تحسنه، واللَّه ما تفرق بين الخطأ والصواب فيه، وإن شئت الآن ألقيت عليك ثلاثين مسألة من أيّ علم شئت، فإن أجبت في واحدة منهن وإلَّا علمت أنك متكلَّف. فقال: يا أمير المؤمنين يستقبلني بهذا بين يديك! قال⁣(⁣١): وما هذا مما لا أستقبلك به؟ فقال له محمد: نعم اختر ما شئت حتى نسألك عنه فقال: إنما يفعل هذا الصبيان⁣(⁣٢)، وانكسر حتى رحمته، فقلت لمحمد: يا أمير المؤمنين لعلك ترى مع هذا القول أنه لا يحسن، بلى واللَّه إنه ليحسن كلّ شيء وما يقدر أحد أن يقول هذا غيري، وإنه ليتقدّم كثيرا من الناس في كل شيء، فجعل محمد يضحك وهو يقول، تشجّه بيد وتدهنه بيد، وتجرّحه بيد وتأسوه بيد!.

  نسبة هذه الأصوات

  صوت

  لقد أزمعت للبين هند زيالها ... وزمّوا⁣(⁣٣) إلى أرض العراق جمالها

  فما ظبية أدماء واضحة القرا ... تنصّ إلى برد الظَّلال غزالها⁣(⁣٤)

  / تحتّ بقرنيها برير أراكة ... وتعطو بظلفيها إذا الغصن طالها⁣(⁣٥)

  بأحسن منها مقلة ومقلَّدا ... وجيدا إذا دانت تنوط شكالها⁣(⁣٦)

  الشّعر لكثيّر، والغناء لمعبد خفيف ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو، وفيه لابن سريج في الثّالث والثّاني ثقيل أول بالسّبابة في مجرى البنصر، عن إسحاق، ولإبراهيم ثقيل أول بالوسطى عن عمرو، في الثّاني ثمّ في الثّالث، وفي كتاب حكم: لحكم فيه خفيف ثقيل، وعن حبش لطويس فيه رمل بالوسطى، وذكر أيضا أن لحن معبد ثاني ثقيل.

  صوت⁣(⁣٧)

  يا دار سعدى سقى أطلالك الدّيما ... مسقي الرّوايا وإن هيّجت لي سقما

  دار خلت وعفت منها معالمها ... إلَّا الثّمام وإلَّا النّؤي والحمما⁣(⁣٨)

  الغناء لقفا النّجّار ثقيل أول بالوسطى عن عمرو والهشاميّ وإبراهيم.


(١) ف: «فقلت».

(٢) ف: «بالصبيان».

(٣) يقال: زمّ القوم: تقدّمهم كأنه زمام. وزموا جمالها: أرسلوها متقدمة.

(٤) القرا: الظهر. والنص من الشيء: منهّاه ومبلغ أقصاه. وتنص غزالها: تسنحثه.

(٥) البرير: ثمر الأراك. وتعطو بظلفيها: ترتفع بهما. وطالها ارتفع عنها.

(٦) تنوط: تعلق. الشكال: وثاق بين الحقب والبطان وبين اليد والرجل.

(٧) في ف جاء هذا الصوت تاليا للذي بعد.

(٨) الثمام: نبت ضعيف لا يطول. والنؤي: الحفير حول الخيمة يمنع السيل. والحمم جمع حمة وهو الفحم وكل ما احترق بالنار.