كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مخارق وأخباره

صفحة 497 - الجزء 18

  صوت

  لا والذي نحرت له البدن ... وله بمكَّة قبّل الرّكن

  ما زلت يا سكني أخا أرق ... متكنّفا بي الهمّ والحزن

  أخشى عليك وبعضه شفق ... أن يفتنوك وأنت مفتتن

  الغناء لابن سريج رمل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر، عن إسحاق / وذكر الهشاميّ أنه لسليمان الوادي أوله فيه لحن، ونسبه إبراهيم إلى ابن عبّاد ولم يجنّسه.

  أخبرني عمّي: حدّثنا أحمد بن أبي طاهر، قال:

  حدّثني عبد الوهّاب المؤذّن، قال: انحدرنا مع المعتصم من السنّ⁣(⁣١) ونحن في حرّاقته⁣(⁣٢)، وحضر وقت الأذان فأذّنت، فلما فرغت من الأذان اندفع مخارق بعدي فأذّن وهو جاث على ركبتيه، فتمنيت واللَّه أن دجلة أهرقت⁣(⁣٣) لي فغرقت فيها.

  غضب عليه المعتصم ثم صالحه وأعاده إلى مرتبته

  أخبرني عمّي، قال: حدّثني عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن حمدون، قال: حدّثني أبي، قال:

  غضب المعتصم على مخارق فأمر به أن يجعل في المؤذّنين ويلزمهم، ففعل ذلك، وأمهل حتى علم أنّ المعتصم يشرب وأذّنت العصر، فدخل هو إلى السّتر حيث يقف المؤذّن للسلام، ثمّ رفع صوته جهده وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته، الصّلاة يرحمك اللَّه، فبكى حتى جرت دموعه، وبكى كلّ من حضره، ثمّ قال: أدخلوه إليّ، ثم أقبل علينا وقال: سمعتم هكذا قطَّ! هذا الشيطان لا يترك أحدا يغضب عليه، فأمر به فأدخل إليه، فقبّل الأرض بين يديه، فدعاه المعتصم إليه وأعطاه يده فقبّلها، وأمره بإحضار عوده فأحضر، فأعاده إلى مرتبته.

  إسحاق الموصلي يبدي رأيه في علوية ومخارق

  وجدت في بعض الكتب، عن عليّ بن محمد⁣(⁣٤) البسّاميّ، عن جدّه حمدون بن إسماعيل قال:

  / غنّى علَّوية يوما بين يدي إسحاق الموصليّ:

  هجرتك إشفاقا عليك من الأذى ... وخوف الأعادي واتّقاء النّمائم

  فقال له إسحاق: أحسنت يا أبا الحسن أحسنت، واستعاده ثلاثا وشرب، فقال له علَّوية: يا أستاذ، أين أنا الآن من صاحبي - يعني مخارقا - مع قولك هذا لي؟ فقال: لا ترد أن تعرف هذا، قال: بي واللَّه إلى معرفته أعظم الحاجة، فقال: إذا غنيتما ملكَّا اختاره عليك وأعطاه الجائزة دونك، فضجر علَّوية وقال لإسحاق: أفّ من رضاك وغضبك!.


(١) السنّ: مدينة على دجلة.

(٢) الحرّاقة: سفينة خفيفة المر.

(٣) س، ف: «انفرقت».

(٤) ف: «عن علي بن البسامي».