كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أبي محجن ونسبه

صفحة 11 - الجزء 19

  /

  وحتى رأيت مهرتي مزوئرة ... من النّبل⁣(⁣١) يدمى نحرها والشّواكل

  وما رحت حتى كنت آخر رائح⁣(⁣٢) ... وصرّع حولي الصّالحون الأماثل

  مررت على الأنصار وسط رحالهم ... فقلت: ألا هل منكم اليوم قافل؟

  وقرّبت روّاحا وكورا ونمرقا ... وغودر في ألَّيس⁣(⁣٣) بكر ووائل

  ألا لعن اللَّه الذين يسرّهم ... رداي وما يدرون ما اللَّه فاعل

  يقسم في شعر له بأنه لا يشرب الخمر أبدا

  قال الأخفش في روايته، عن الأحول، عن ابن الأعرابيّ، عن المفضّل: قال أبو محجن في تركه الخمر:

  رأيت الخمر صالحة وفيها ... مناقب تهلك الرّجل الحليما

  فلا واللَّه أشربها حياتي ... ولا أسقي بها أبدا نديما

  معاوية وابن أبي محجن

  أخبرني عمّي قال: حدّثنا محمد بن سعد الكرانيّ قال: حدّثنا العمريّ، عن لقيط، عن الهيثم بن عديّ.

  وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمّه، وأخبرني إبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة قالوا:

  دخل ابن أبي محجن على معاوية، فقال له: أليس أبوك الَّذي يقول:

  إذا متّ فادفنّي إلى أصل كرمة⁣(⁣٤) ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها

  ولا تدفننّي بالفلاة فإنّني ... أخاف إذا ما متّ ألَّا أذوقها

  / فقال ابن أبي محجن: لو شئت لذكرت ما هو أحسن من هذا من شعره؛ قال: وما ذاك؟ قال: قوله:

  لا تسألي الناس عن مالي وكثرته ... وسائلي الناس ما فعلي وما خلقي⁣(⁣٥)

  أعطي السّنان غداة الرّوع حصّته ... وعامل الرّمح أرويه من العلق⁣(⁣٦)

  وأطعن الطعنة النّجلاء عن عرض ... وأحفظ السرّ فيه ضربة العنق

  عفّ المطالب عمّا لست نائله ... - وإن ظلرمت - شديد الحقد والحنق


(١) كذا في «معجم البلدان». ومزوئرة: معرضة ومنحرفة. والشواكل جمع شاكلة وهي الخاصرة. وفي س: «لدى الفيل» بدل «من النبل» وفي ف: «أرى الفيل».

(٢) ف: «أول رائح».

(٣) أليس: الموضع الَّذي كانت فيه الوقعة بين المسلمين والفرس في أول أرض العراق من ناحية البادية. وفي ف، ما، مج: «وغودر في الأبيات».

(٤) في «الشعر والشعراء»، و «خزانة الأدب»: «إلى جنب كرمة».

(٥) في «الشعر والشعراء»:

لا تسأل الناس: ما مالي وكثرته ... وسائل القوم: ما حزمي وما خلقي

(٦) عامل الرمح: ما يلي السنان، والعلق: الدم.