كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار زهير بن جناب ونسبه

صفحة 20 - الجزء 19

  وكيف بمن لا أستطيع فراقه ... ومن هو إن لم تجمع الدّار آلف!

  أمير شقاق إن أقم لا يقم معي ... ويرحل، وإن أرحل يقم ويخالف⁣(⁣١)

  ثم شرب الخمر صرفا حتّى مات.

  قال: وممّن شرب الخمر صرفا حتى مات عمرو بن كلثوم التّغلبيّ، وأبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة.

  قال هشام⁣(⁣٢): عاش هبل بن عبد اللَّه جدّ زهير بن جناب ستّمائة سنة وسبعين، وهو القائل:

  يا ربّ يوم قد غني فيه هبل ... له نوال ودرور وجذل⁣(⁣٣)

  كأنّه في العزّ عوف أو حجل

  قال: عوف وحجل: قبيلتان من كلب.

  كان نازلا مع الجلاح بن عوف فأنذرته أخته فخالفه الجلاح فرحل هو وقال شعرا

  وقال أبو عمرو الشّيباني: كان الجلاح بن عوف السّحميّ قد وطَّأ لزهير بن جناب وأنزله معه، فلم يزل في جناحه حتى كثر ماله وولده، وكانت أخت زهير متزوّجة في بني القين بن جسر، فجاء رسولها إلى زهير ومعه برد فيه صرار رمل وشوكة قتاد، / فقال زهير لأصحابه: أتتكم شوكة شديدة، وعدد كثير فاحتملوا، فقال له الجلاح:

  أنحتمل لقول امرأة! واللَّه لا نفعل، فقال زهير:

  أما الجلاح فإنّني فارقته ... لا عن قلَّى ولقد تشطَّ بنا النّوى

  فلئن ظعنت لأصبحنّ مخيّما⁣(⁣٤) ... ولئن أقمت لأظعننّ على هوى

  قال: فأقام الجلاح، وظعن زهير، وصبّحهم الجيش فقتل عامّة قوم الجلاح وذهبوا بماله.

  قال: واسم الجلاح عامر بن عوف بن بكر بن عوف بن عامر بن عوف بن عذرة.

  اجتمع مع عشيرته فقصده الجيش فهزمهم وقتل رئيسا منهم

  ومضى زهير لوجهه حتى اجتمع مع عشيرته من بني جناب، وبلغ الجيش خبره فقصدوه، فحاربهم وثبت لهم فهزمهم وقتل رئيسا منهم، فانصرفوا عنه خائبين، فقال زهير:

  أمن آل سلمى ذا الخيال المؤرّق ... وقد يمق⁣(⁣٥) الطيف الغريب المشوّق

  وأنّي اهتدت سلمى لوجه محلَّنا ... وما دونها من مهمه الأرض يخفق

  فلم تر إلا هاجعا عند حرّة ... على ظهرها كور عتيق ونمرق⁣(⁣٦)

  ولمّا رأتني والطَّليح تبسّمت ... كما انهلّ أعلى عارض يتألَّق

  فحيّيت عنّا زوّدينا تحيّة ... لعلّ بها العاني من الكبل يطلق


(١) ف:

«أمين شقاء ...»

(٢) ف: «هاشم».

(٣) الدرور: الكثرة. والجذل: الفرح. وفي ف: «ودروه»، وهو التلألؤ.

(٤) مخيما: مقيما.

(٥) يمق: يحب.

(٦) الكور: الرحل. والنمرق: الوسادة الصغيرة.