كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب مسلم بن الوليد وأخباره

صفحة 31 - الجزء 19

  الحزم تحريقه إن كنت ذا حذر⁣(⁣١) ... وإنّما الحزم سوء الظَّنّ بالنّاس

  لقد أتاك وقد أدّى أمانته ... فاجعل صيانته في بطن أرماس

  / قال: فضحك يزيد وقال: صدقت لعمري. وخرّق الكتاب، وأمر بإحراقه.

  انقطع إلى محمد بن يزيد بعد موت أبيه ثم هجره

  حدّثني عمّي وجحظة، قالا: حدّثنا عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى، قال: حدّثني أبو محلَّم، وحدّثني عمّي، قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني أبو توبة، قال:

  كان مسلم بن الوليد صديقا ليزيد بن مزيد ومدّاحا له، فلما مات انقطع إلى ابنه محمد بن يزيد، ومدحه كما مدح أباه، فلم يصنع إليه خيرا، ولم يرضه ما فعله به، فهجره وانقطع عنه، فكتب إليه يستحفيه⁣(⁣٢) ويلومه على انقطاعه عنه، ويذكَّره حقوق أبيه عليه، فكتب إليه مسلم:

  لبست عزاء عن لقاء محمد ... وأعرضت عنه منصفا وودودا

  وقلت لنفس قادها الشّوق نحوه ... فعوّضها حبّ اللَّقاء صدودا

  هبيه امرأ قد كان أصفاك ودّه ... فمات وإلَّا فاحسبيه يزيدا

  لعمري لقد ولَّى فلم ألق بعده ... وفاء لذي عهد يعدّ حميدا

  مات يزيد ببرذعة فرثاه مسلم

  أخبرني محمد بن القاسم الأنباريّ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني أحمد بن محمد بن أبي سعد، قال:

  أهديت إلى يزيد بن مزيد جارية وهو يأكل، فلما رفع الطَّعام من بين يديه وطئها فلم ينزل عنها، إلا ميّتا، وهو ببرذعة⁣(⁣٣)، فدفن في مقابر برذعة، وكان مسلم معه في صحابته فقال يرثيه:

  /

  قبر ببرذعة استسرّ ضريحه ... خطرا تقاصر دونه الأخطار

  أبقى الزّمان على ربيعة بعده ... حزنا كعمر الدّهر ليس يعار

  سلكت بك العرب السّبيل إلى العلا ... حتى إذا بلغوا المدى بك حاروا

  ويروى:

  حتى إذا سبق الرّدى بك حاروا⁣(⁣٤)

  - هكذا أنشده الأخفش -:

  نفضت بك الأحلاس نفض إقامة ... واسترجعت روّادها الأمصار

  فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السّهل والأوعار


(١) في الديوان - ٣٢٤، وعيون الأخبار: «تخريقه».

(٢) استحفاء: استخبره. وفي مي، ما: «يستجفيه».

(٣) برذعة: بلد في أقصى أذربيجان.

(٤) في مي، مج:

«حتى إذا بلغوا المداخل جاروا»

وفي ف:

«حتى إذا بلغوا المدى بك جاروا»