نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  نغّصنيها مسلم بن الوليد بهجاء بلغني أنّه هجاني به، فقلت: ما الأبيات الَّتي مدحت بها؟ فأنشدني:
  /
  قتيبة قيس ساد قيسا وسلمها ... فلما تولَّى ساد قيسا سعيدها
  وسيّد قيس سيّد النّاس كلَّها ... وإن مات من رغم وذلّ حسودها
  هم رفعوا كفّيك بالمجد والعلا ... ومن يرفع الأبناء إلا جدودها
  إذا مدّ للعليا سعيد يمينه ... ثنت كفّه عنها أكفّا تريدها
  قال الأصمعيّ: فقلت له: فبأيّ شيء نغّصها عليك مسلم؟ فضحك وقال: كلَّفتني شططا، ثم أنشد:
  وأحببت من حبّها(١) الباخلين ... حتى ومقت ابن سلم سعيدا
  إذا سيل عرفا كسا وجهه ... ثيابا من النّقع صفرا وسودا(٢)
  يغار(٣) على المال فعل الجوا ... دو تأبى خلائقه أن يجودا
  يهجو بعض الكتاب لأنه لم يعجبه شعره
  أخبرني عمّي، قال: حدّثنا الكرانيّ، قال: حدّثني النّوشجانيّ الخليل بن أسد، قال: حدّثني عليّ بن عمرو، قال:
  وقف بعض الكتّاب على مسلم بن الوليد وهو ينشد شعرا له في محفل، فأطال ثم انصرف، وقال لرجل كان معه: ما أدري أيّ شيء أعجب الخليفة والخاصّة من شعر هذا؟ فو اللَّه ما سمعت منه طائلا، فقال مسلم: ردّوا عليّ الرّجل، فردّ إليه، فأقبل عليه ثم قال:
  أمّا الهجاء فدقّ عرضك دونه ... والمدح عنك كما علمت جليل
  فاذهب فأنت طليق عرضك إنه ... عرض عززت به وأنت ذليل
  كان أستاذا لدعبل ثم تخاصما ولم يلتقيا
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدّثني إبراهيم بن محمد الورّاق، قال: حدّثني الحسين بن أبي السّريّ، قال:
  كان مسلم بن الوليد أستاذ دعبل وعنه أخذ، ومن بحره استقى. وحدّثني دعبل أنّه كان لا يزال يقول الشّعر فيعرضه على مسلم، فيقول له: إيّاك أن يكون أوّل ما يظهر لك ساقطا فتعرف به، ثم لو قلت كلّ شيء جيّدا كان الأوّل أشهر عنك، وكنت أبدا لا تزال تعيّر به، حتّى قلت:
  أين الشّباب وأيّة سلكا
  فلما سمع هذه قال لي: أظهر الآن شعرك كيف شئت.
  قال الحسن: وحدّثني أبو تمّام الطَّائيّ قال:
(١) في ما: «من أجلها».
(٢) في الديوان - ٢٧٠:
«ثيابا من اللؤم حمرا وسودا»
(٣) في ف: «أغار». وفي الديوان - ٢٧٠: «يغير».