نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  ما زال دعبل متعصّبا لمسلم، مائلا إليه، معترفا بأستاذيّته حتى ورد عليه جرجان، فجفاه مسلم، وهجره دعبل، فكتب إليه:
  أبا مخلد كنّا عقيدي مودّة ... هوانا وقلبانا جميعا معا معا
  أحوطك بالغيب الَّذي أنت حائطي ... وأجزع إشفاقا بأن تتوجّعا(١)
  فصيّرتني بعد انتكاثك(٢) متهما ... لنفسي عليها أرهب الخلق أجمعا
  غششت الهوى حتى تداعت أصوله ... بنا وابتذلت الوصل حتى تقطَّعا
  وأنزلت من بين الجوانح والحشا ... ذخيرة ودّ طال ما قد تمنّعا
  فلا تلحينّي ليس لي فيك مطمع ... تخرّقت حتى لم أجد لك مرقعا
  فهبك يميني استأكلت فقطعتها ... وجشّمت قلبي صبره فتشجّعا(٣)
  / قال: ثم تهاجرا بعد ذلك، فما التقيا حتى ماتا.
  محمد بن أبي أمية يمزح معه
  أخبرني عمّي، قال: حدّثنا أحمد بن أبي طاهر، قال: أخبرني أحمد بن أبي أميّة، قال: لقي أخي محمد بن أبي أميّة مسلم بن الوليد وهو يتثنّى(٤)، ورواته مع بعض أصحابه(٥)، فسلَّم عليه، ثم قال له: قد حضرني شيء.
  فقال: هاته، قال: على أنه مزاح ولا تغضب، قال: هاته ولو كان شتما، فأنشدته:
  من رأى فيما خلا رجلا ... تيهه أربى على جدته
  يتمشّى راجلا وله ... شاكريّ في قلنسيته
  فسكت عنه مسلم ولم يجبه، وضحك ابن أبي أميّة وافترقا.
  لقي محمد بن أبي أمية بعد موت برذونه فردّ عليه مزاحه
  قال: وكان لمحمد برذون يركبه فنفق، فلقيه مسلم وهو راجل، فقال: ما فعل برذونك؟ قال: نفق، قال:
  فنجازيك إذا على ما أسلفتناه، ثم أنشده:
  قل لابن ميّ لا تكن جازعا ... لن يرجع البرذون باللَّيث(٦)
  طامن أحشاءك فقدانه(٧) ... وكنت فيه عالي الصّوت
(١) المختار:
«من أن يتوجعا»
وفي ف:
«أحوطك بالغيب الَّذي لست حائطي»
(٢) المختار:
«بعد انتهابك»
(٣) المختار:
«صبوة فتجشعا»
بدل:
«صبره فتجشعا»
(٤) في ما: «يمشي».
(٥) في مي: «وطويلته مع بعض أصحابه».
(٦) في الديوان - ٢٨٢:
«ليس على البرذون من فوت»
والبرذون: ضرب من الدواب يخالف الخيل العراب، عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء.
(٧) في الديوان - ٢٨٢:
«طأطأ من تيهك فقدانه»