كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب مسلم بن الوليد وأخباره

صفحة 38 - الجزء 19

  وكنت لا تنزل عن ظهره ... ولو من الحشّ⁣(⁣١) إلى البيت

  ما مات من سقم ولكنّه⁣(⁣٢) ... مات من الشّوق إلى الموت

  أبو تمام يحفظ شعره وشعر أبي نواس

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثني ابن مهرويه، قال: حدّثني أحمد بن سعيد الحريريّ أنّ أبا تمّام حلف ألَّا يصلَّي حتى يحفظ شعر مسلم وأبي نواس، فمكث / شهرين كذلك حتى حفظ شعرهما. قال: ودخلت عليه فرأيت شعرهما بين يديه، فقلت له: ما هذا؟ فقال: اللَّات والعزّى وأنا أعبدهما من دون اللَّه.

  اجتمع مع أبي نواس فتناشدا شعرهما

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني سمعان بن عبد الصّمد، قال: حدّثني دعبل بن عليّ، قال:

  كان أبو نواس يسألني أن أجمع بينه وبين مسلم بن الوليد؛ وكان مسلم يسألني أن أجمع بينه وبين أبي نواس، وكان أبو نواس إذا حضر تخلَّف مسلم، وإذا حضر مسلم تخلَّف أبو نواس، إلى أن اجتمعا، فأنشده أبو نواس:

  أجارة بيتينا أبوك غيور ... وميسور ما يرجى لديك عسير

  وأنشده مسلم:

  للَّه من هاشم في أرضه جبل ... وأنت وابنك ركنا ذلك الجبل

  فقلت لأبي نواس: كيف رأيت مسلما؟ فقال: هو أشعر النّاس بعدي. وسألت مسلما وقلت: كيف رأيت أبا نواس؟ فقال: هو أشعر الناس وأنا بعده.

  أمر له ذو الرياستين بمال عظيم بعد أن أنشده شعرا شكا فيه حاله

  أخبرني الحسن، قال: حدّثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد الخالق الأنصاريّ من ولد النّعمان بن بشير، قال: حدّثني مسلم بن الوليد، قال:

  وجّه إليّ ذو الرّياستين، فحملت إليه، فقال: أنشدني قولك:

  بالغمر من زينب أطلال ... مرّت بها بعدك أحوال

  فأنشدته إيّاها حتّى انتهيت إلى قولي:

  وقائل ليست له همّة ... كلَّا ولكن ليس لي مال

  وهمّة المقتر أمنيّة ... همّ مع الدّهر⁣(⁣٣) وأشغال

  / لا جدة أنهض عزمي بها⁣(⁣٤) ... والناس سؤّال وبخّال


(١) الحش: البستان.

(٢) في الديوان - ٢٨٢:

«ما مات من حتف ولكنه»

(٣) الديوان - ١٢١:

«عون على الدهر»

(٤) في الديوان - ١٥٠:

«لا حدة تنهض في عزمها»