نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  فاقعد مع الدّهر إلى دولة ... ترفع فيها حالك الحال(١)
  قال: فلمّا أنشدته هذا البيت قال: هذه واللَّه الدّولة الَّتي ترفع حالك(٢). وأمر لي بمال عظيم وقلَّدني - أو قال قبّلني - جوز جرجان(٣).
  هجا معن بن زائدة ويزيد بن مزيد فهدده الرشيد
  حدّثني جحظة، قال: حدّثني ميمون بن هارون، قال:
  كان مسلم بن الوليد قد انحرف عن معن بن زائدة بعد مدحه إياه، لشيء أوحشه منه، فسأله يزيد بن مزيد أن يهبه له، فوعده ولم يفعل، فتركه يزيد خوفا منه، فهجاه هجاء كثيرا، حتى حلف له الرشيد إن عاود هجاءه قطع لسانه، فمن ذلك قوله فيه:
  يا معن إنّك لم تزل في خزية ... حتى لففت أباك في الأكفان
  فاشكر بلاء الموت عندك إنّه ... أودى بلؤم الحيّ من شيبان
  قال: وهجا أيضا يزيد بن مزيد بعد مدحه إياه فقال:
  أيزيد يا مغرور ألأم من مشى ... ترجو الفلاح وأنت نطفة(٤) مزيد
  إن كنت تنكر منطقي فاصرخ به ... يوم العروبة(٥) عند باب المسجد
  في من يزيد فإن أصبت بمزيد ... فلسا فهاك على مخاطرة يدي
  / هكذا روى جحظة في هذا الخبر، والشّعران جميعا في يزيد بن مزيد، فالأوّل منهما أوّله:
  أيزيد إنّك لم تزل في خزية
  وهكذا هو في شعر مسلم. ولم يلق مسلم معن بن زائدة، ولا له فيه مدح ولا هجاء.
  رثاؤه يزيد بن مزيد
  أخبرني عمّي، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثنا محمد بن عبد اللَّه بن جشم، قال:
  كان يزيد بن مزيد قد سأل مسلم بن الوليد عما يكفيه ويكفي عياله، فأخبره فجعله جراية له، ثم قال: ليس هذا مما تحاسب به بدلا من جائزة أو ثواب مديح. فكان يبعث به إليه في كلّ سنة، فلمّا مات يزيد رثاه مسلم فقال:
  أحقّا أنّه أودى يزيد ... تبيّن أيّها النّاعي المشيد!
  أتدري من نعيت وكيف دارت ... به شفتاك دار بها الصّعيد(٦)
(١) في الديوان - ١٥٠:
«فاصبر مع الدهر ..... تحمل فيها ... «
(٢) في مي، مج: «الَّتي ترفع حالك الخال». وفي المختار: «هذه الدولة الَّتي يرفع فيها حالك».
(٣) ما: «حوز». ولعلها جوز حانان أو جوزجان، وهما واحد. اسم لكورة واسعة من كور بلخ بخراسان. وقبّله: جعله يلتزم العمل.
(٤) في ف: «خلفة».
(٥) يوم العروبة: يوم الجمعة، وهو من أسمائها القديمة.
(٦) في الديوان - ١٤٧:
تأمل من نعيت وكيف فاهت ... به شفتاك كان بها الصعيد