نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  عفت بعدك الأيّام لا بل تبدّلت ... وكنّ كأعياد فعدن مباكيا
  فلم أر إلَّا قبل يومك ضاحكا ... ولم أر إلا بعد يومك باكيا
  عابه العباس بن الأحنف في مجلس فهجاه
  أخبرني الحسين بن القاسم الكوكبيّ، قال: حدّثنا محمد بن عجلان، قال: حدّثنا يعقوب بن السّكَّيت، قال:
  أخبرني محمد بن المهنّأ، قال:
  كان العبّاس بن الأحنف مع إخوان له على شراب، فذكروا مسلم بن الوليد، فقال بعضهم: صريع الغواني، فقال العبّاس: ذاك ينبغي أن يسمّى صريع الغيلان لا صريع الغواني، وبلغ ذلك مسلما فقال يهجوه:
  بنو حنيفة لا يرضى الدّعيّ بهم ... فاترك حنيفة واطلب غيرها نسبا
  فاذهب فأنت طليق الحلم(١) مرتهن ... بسورة الجهل ما لم أملك الغضبا
  اذهب إلى عرب ترضى بنسبتهم ... إني أرى لك خلقا يشبه العربا
  منّيت منّي وقد جدّ الجراء(٢) بنا ... بغاية منعتك الفوت والطَّلبا
  ينصرف عن هجاء خزيمة بن خازم ويتمسك بهجاء سعيد بن سلم
  أخبرني محمد بن يزيد، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، عن جدّه، قال: قلت لمسلم بن الوليد:
  ويحك! أما استحييت من النّاس حين تهجو خزيمة بن خازم، ولا استحييت منا ونحن إخوانك، وقد علمت أنّا نتولَّاه وهو من تعرف فضلا وجودا؟ فضحك، وقال لي: يا أبا إسحاق، لغيرك الجهل، أما تعلم أنّ الهجاء آخذ بضبع الشّاعر وأجدّى عليه من المديح المضرع؟ وما ظلمت مع ذلك منهم أحدا، / ما مضى فلا سبيل إلى ردّه، ولكن قد وهبت لك عرض خزيمة بعد هذا. قال: ثم أنشدني قوله في سعيد بن سلم:
  ديونك لا يقضى الزّمان غريمها ... وبخلك بخل الباهليّ سعيد
  سعيد بن سلم أبخل الناس كلَّهم ... وما قومه من بخله ببعيد
  فقلت له: وسعيد بن سلم صديقي أيضا، فهبه لي، فقال: إن أقبلت على ما يعنيك، وإلا رجعت فيما وهبت لك من خزيمة، فأمسكت عنه راضيا بالكفاف.
  مدح محمد بن يزيد بن مزيد ثم انصرف عنه
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني عبد اللَّه بن محمد بن موسى بن عمر بن حمزة بن بزيع، قال: حدّثني عبد اللَّه بن الحسن اللَّهبيّ، قال:
  كان مسلم بن الوليد مدّاحا ليزيد بن مزيد، وكان يؤثره ويقدّمه ويجزل صلته، فلما مات وفد على ابنه محمد، فمدحه وعزّاه عن أبيه، وأقام ببابه أيّاما فلم ير منه ما يحبّ، فانصرف عنه وقال فيه:
  لبست عزاء عن لقاء محمد ... وأعرضت عنه منصفا وودودا
(١) في الديوان - ٢٥٩:
«فاقعد فأنت طليق العفو مرتهن»
(٢) في الديوان - ٢٥٩:
«وقد هاج الرهان»
والجراء: الفتوة.