نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  لولا علامات شيب لو أتت وعظت ... لقد صحوت ولكن سوف تأتيني
  أرضي الشّباب فإن أهلك فعن قدر ... وإن بقيت فإن الشّيب يشقيني(١)
  فقال له: خذها بورك لك فيها. وأمر بتوجيهها مع بعض خدمها إليه.
  ماتت زوجته فجزع عليها وتنسك
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني أحمد بن إبراهيم، قال:
  كانت لمسلم بن الوليد زوجة من أهله، كانت تكفيه أمره وتسرّه فيما تليه له(٢) منه، فماتت فجزع عليها جزعا شديدا، وتنسّك مدّة طويلة، وعزم على ملازمة ذلك، فأقسم عليه بعض إخوانه ذات يوم أن يزوره ففعل، فأكلوا وقدّموا الشّراب، فامتنع منه مسلم وأباه، وأنشأ يقول:
  بكاء وكأس، كيف يتّفقان؟(٣) ... سبيلاهما في القلب مختلفان
  دعاني وإفراط البكاء فإنّني ... أرى اليوم فيه غير ما تريان
  غدت والثّرى أولى بها من وليّها ... إلى منزل ناء لعينك دان
  / فلا حزن حتى تذرف العين ماءها ... وتعترف الأحشاء للخفقان
  وكيف بدفع اليأس للوجد بعدها ... وسهماهما(٤) في القلب يعتلجان!
  هاجاه ابن قنبر فأمسك عنه بعد أن بسط لسانه فيه
  أخبرني حبيب بن نصر، قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، قال: حدّثني عليّ بن الصّبّاح، قال: حدّثني مالك بن إبراهيم، قال:
  كان مسلم بن الوليد يهاجي الحكم بن قنبر المازنيّ، فغلب عليه ابن قنبر مدة وأخرسه، ثم أثاب مسلم بعد أن انخزل وأفحم، فهتك ابن قنبر حتى كفّ عن مناقضته، فكان يهرب منه، فإذا لقيه مسلم قبض عليه وهجاه وأنشده ما قاله فيه فيمسك عن إجابته؛ ثم جاءه ابن قنبر إلى منزله واعتذر إليه ممّا سلف، وتحمّل عليه بأهله وسأله الإمساك، فوعده بذلك، فقال فيه:
  حلم ابن قنبر حين أقصر جهله ... هل كان يحلم شاعر عن شاعر؟
  ما أنت بالحكم الَّذي سمّيته ... غالتك حلمك هفوة من قاهر
  لولا اعتذارك لارتمى بك زاخر ... مرح العباب يفوت طرف النّاظر
  لا ترتعن لحمي لسانك بعدها ... إنّي أخاف عليك شفرة جازر
  واستغنم العفو الَّذي أوتيته ... لا تأمننّ عقوبة من قادر
(١) في الديوان - ٣٤٤:
... فإن الشيب يسليني»
(٢) المختار: «وتستره عن الناس بمالها».
(٣) المختار: «يجتمعان».
(٤) في ف، ما: «وهمّاهما».