نسب مسلم بن الوليد وأخباره
  مسلم وابن قنبر يتهاجيان في مسجد الرصافة
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني محمد بن عبد اللَّه أبو بكر العبديّ، قال:
  رأيت مسلم بن الوليد وابن قنبر في مسجد الرّصافة في يوم جمعة، وكل واحد منهما بإزاء صاحبه، وكانا يتهاجيان، فبدأ مسلم فقال:
  أنا النّار في أحجارها مستكنّة ... فإن كنت ممن يقدح النّار فاقدح
  / فأجابه ابن قنبر فقال:
  قد كنت تهوي وما قوسي بموترة ... فكيف ظنّك بي والقوس في الوتر
  قال: فوثب إليه مسلم وتواخزا(١) وتواثبا، وحجز الناس بينهما فتفرّقا.
  لامه رجل من الأنصار على انخزاله أمام ابن قنبر فعاد إلى هجائه
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني عليّ بن عبيد الكوفيّ، قال: حدّثني عليّ بن عمروس الأنصاريّ، قال:
  جاء رجل من الأنصار ثم من الخزرج إلى مسلم بن الوليد فقال له: ويلك ما لنا ولك، قد فضحتنا وأخزيتنا، تعرّضت لابن قنبر فهاجيته، حتى إذا أمكنته من أعراضنا انخزلت عنه وأرعيته لحومنا، فلا أنت سكتّ ووسعك ما وسع غيرك، ولا أنت لمّا انتصرت انتصفت. فقال له مسلم: فما أصنع؟ فأنا أصبر عليه، فإن كفّ وإلا تحمّلت عليه بإخوانه، فإن كفّ وإلا وكلته إلى بغيه، ولنا شيخ يصوم الدهر ويقوم الليل، فإن أقام على ما هو عليه سألته أن يسهر له ليلة يدعو اللَّه عليه فيها فإنها تهلكه، فقال له الأنصاريّ: سخنت عينك! أو بهذا تنتصف ممن هجاك؟ ثم قال له:
  قد لاذ من خوف ابن قنبر مسلم ... بدعاء والده مع الأسحار
  ورأيت شرّ وعيده أن يشتكي ... ما قد عراه إلى أخ أو جار
  ثكلتك أمّك قد هتكت حريمنا ... وفضحت أسرتنا بني النجار
  عمّمت خزرجنا ومعشر أوسنا ... خزيا جنيت به على الأنصار
  فعليك من مولَّى وناصر أسرة ... وعشيرة غضب الإله الباري
  قال: فكاد مسلم أن يموت غمّا وبكاء وقال له: أنت شرّ عليّ من ابن قنبر. ثم أثاب وحمي، فهتك ابن قنبر ومزّقه حتى تركه، وتحمّل عليه بابنه وأهله حتى أعفاه من المهاجاة.
  رجع الحديث عما وقع بينه وبين ابن قنبر
  ونسخت هذا الخبر من كتاب جدّي يحيى بن محمد بن ثوابة بخطه، قال:
  حدّثني الحسن بن سعيد، قال: حدّثني منصور بن جمهور قال:
(١) تواخزا: طعن كل منهم صاحبه طعنة غير نافذة.