كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب مسلم بن الوليد وأخباره

صفحة 47 - الجزء 19

  من هارب ركب النّجاء ومقعص ... جثمت منيّته على المتنفّس

  غصبته أطراف الأسنّة نفسه ... فثوى فريسة ولَّغ أو نهّس

  إن كنت نازلة اليفاع فنكَّبي ... دار الرّباب وخزرجي أو أوّسي

  وتجنّبي الجعراء⁣(⁣١) إنّ سيوفهم ... حدث وإن قناتهم لم تضرس

  هل طيّئ الأجبال شاكرة امرئ ... ذاد القوافي عن حماها مردس⁣(⁣٢)

  أحمي - أبا نفر - عظام حفيرة ... درست وباقي غرسها لم يدرس

  كافأت نعمتها بضعف بلائها ... ثم انفردت بمنصب لم يدنس⁣(⁣٣)

  وإذا افتخرت عددت سعي مآثر ... قصرت على الإغضاء طرف الأشوس

  رفعت بنو النّجّار حلفي فيهم⁣(⁣٤) ... ثم انفردت فأفسحوا عن مجلسي

  فاعقل لسانك عن شتائم قومنا⁣(⁣٥) ... لا يعلقّنك خادر من مأنس

  أخلفت فخرك⁣(⁣٦) من أبيك وجئتني ... بأب جديد بعد طول تلمّس

  أخذت عليه المحكمات طريقها ... فغدا يهاجي أعظما في مرمس⁣(⁣٧)

  / قال: فلم يجبه ابن قنبر عن هذه بشيء، ثم التقيا فتعاتبا، واعتذر كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال مسلم يهجوه:

  حلم ابن قنبر حين قصّر شعره ... هل كان يحلم شاعر عن شاعر

  يهجو قريشا ويفخر بالأنصار

  وقد مضت هذه الأبيات متقدّما. قال: ومكث ابن قنبر حينا لا يجيبه عن هذا ولا عن غيره بشيء طلبا للكفاف، ثم هجا مسلم قريشا وفخر بالأنصار فقال:

  قل لمن تاه إذ بنا عزّ جهلا ... ليس بالتّيه يفخر الأحرار

  فتناهوا وأقصروا فلقد جا ... رت عن القصد فيكم الأنصار⁣(⁣٨)

  أيّكم حاط ذا جوار بعزّ ... قبل أن تحتويه منّا الدّار

  أو رجا أن يفوت قوما بوتر ... لم تزل تمتطيهم الأوتار

  لم يكن ذاك فيكم فدعوا الفخر بما لا يسوغ فيه افتخار

  ونزارا ففاخروا تفضلوهم ... ودعوا من له عبيدا نزار


(١) في مي، مج: «الحمراء». وفي الديوان - ١٣٦: «الخفراء».

(٢) في الديوان - ١٣٧: «الأقعس» بدل «مردس». والمردس: الآلة الَّتي تسوى وتكسر.

(٣) في ما: «لم ينجس».

(٤) في الديوان - ١٣٦: «بيتي فيهم ... ثم انتميت».

(٥) في الديوان - ١٣٩: «عرضنا».

(٦) في الديوان - ١٣٩: «أخلقت فخرك». وفي ف، ما: «نجرك».

(٧) في ما: «مدرس». وفي الديوان - ١٤٠: «فغدا يناقض أعظما في أرمس».

(٨) في الديوان - ٣١٥: «الأبصار» بدل «الأنصار».