أخبار محمد بن وهيب
  أهجى بيت قاله المحدثون قول محمد بن وهيب:
  لم تند كفّاك من بذل النوال كما ... لم يند سيفك مذ قلَّدته بدم
  تعرض لأعرابية فأجابته جوابا مسكتا
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدثني محمد بن مرزوق البصريّ، قال:
  / حدثني محمد بن وهيب قال: جلست بالبصرة إلى عطَّار فإذا أعرابية سوداء قد جاءت فاشترت من العطَّار خلوقا فقلت له: تجدها اشترته لابنتها وما ابنتها وما ابنتها إلا خنفساء، فالتفتت إليّ متضاحكة، ثم قالت: لا واللَّه، لكن مهاة جيداء(١)، إن قامت فقناة، وإن قعدت فحصاة، وإن مشت فقطاه، أسفلها كثيب، وأعلاها قضيب، لا كفتياتكم اللواتي تسمّنونهن بالفتوت(٢)، ثم انصرفت وهي تقول:
  إن الفتوت للفتاة مضرطه ... يكربها في البطن حتى تثلطه(٣)
  / / فلا أعلمني ذكرتها إلا أضحكني ذكرها.
  تردد على مجلس يزيد بن هارون ثم تركه
  حدثني عيسى بن الحسين الورّاق، قال: حدثنا أبو هفّان، قال:
  كان محمد بن وهيب يتردد إلى مجلس يزيد بن هارون، فلزمه عدّة مجالس يملي فيها كلها فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ¤، لا يذكر شيئا من فضائل عليّ #، فقال فيه ابن وهيب:
  آتي يزيد بن هارون أدالجه(٤) ... في كل يوم ومالي وابن هارون
  فليت لي بيزيد حين أشهده ... راحا وقصفا وندمانا يسلَّيني
  أغدو إلى عصبة صمّت مسامعهم ... عن الهدى بين زنديق ومأفون
  لا يذكرون عليّا في مشاهدهم ... ولا بنيه بني البيض الميامين
  / اللَّه(٥) يعلم أني لا أحبّهم ... كما هم بيقين لا يحبّوني
  ويستطيعون عن ذكرى(٦) أبا حسن ... وفضله قطَّعوني بالسّكاكين
  ولست أترك تفضيلي له أبدا ... حتى الممات على رغم الملاعين(٧)
(١) ب: «لا واللَّه ولكن مهاة خبنداة».
(٢) فت الشيء: دقه وكسره فهو مفتوت وفتيت وفتوت.
(٣) ب:
«يكربها بالليل»
- ويكربها: يشق عليها.
(٤) أصل المدالجة: السير في آخر الليل، ومنه قول البحتري:
ومن سحر به دالجت فيها ... تغنم قينة وهبوب ساق
والمقصود هنا أسهر معه وقتا طويلا من الليل.
(٥) مي، مد، ف: «إني لأعلم».
(٦) مي، ف: «في ذكري».
(٧) ف:
«على رغم المعادين»