أخبار مزاحم ونسبه
  أيا ليل إن تشحط بك الدار غربة ... سوانا ويعيي النّفس فيك احتيالها
  فكم ثم كم من عبرة قد رددتها ... سريع على جيب القميص انهلالها(١)
  خليليّ هل من حيلة تعلمانها ... يقرّب من ليلى إلينا احتيالها
  فإنّ بأعلى الأخشبين أراكة ... عدتني عنها الحرب دان ظلالها
  وفي فرعها لو تستطاع جنابها ... جنى يجتنيه المجتني لو ينالها
  هنيئا لليلى مهجة ظفرت بها ... وتزويج ليلى حين حان ارتحالها
  / فقد حبسوها محبس البدن وابتغى ... بها الرّبح أقوام تساخف مالها(٢)
  فإنّ مع الرّكب الذين تحمّلوا ... غمامة صيف زعزعتها شمالها
  سجنه ثم هربه
  وقال محمد بن حبيب في خبره، قال ابن الأعرابيّ:
  وقع بين مزاحم العقيلي وبين رجل من بني جعدة لحاء في ماء فتشاتما وتضاربا بعصيّهما، فشجّه مزاحم شجّة أمّته(٣)، فاستعدت بنو جعدة على مزاحم فحبس حبسا طويلا، ثم هرب من السّجن، فمكث في قومه مدة، وعزل ذلك الوالي وولى غيره، فسأله ابن عمّ لمزاحم يقال له مغلَّس أن يكتب أمانا لمزاحم، فكتبه له، وجاء مغلَّس والأمان معه، فنفر مزاحم منه وظنّها خيلة من السّلطان، فهرب وقال في ذلك:
  أتاني بقرطاس الأمير مغلَّس ... فأفزع قرطاس الأمير فؤاديا
  فقلت له: لا مرحبا بك مرسلا ... إليّ ولا لي من أميرك داعيا(٤)
  أليست جبال القهر قعسا مكانها ... وعروى وأجبال الوحاف كما هيا؟(٥)
  أخاف ذنوبي أن تعدّ ببابه ... وما قد أزلّ الكاشحون أماميا
  ولا أستريم عقبة الأمر بعد ما ... تورّط في بهماء كعبي وساقيا(٦)
  هوى امرأة من قومه وتزوجت غيره
  أخبرني محمد بن مزيد، وأحمد بن جعفر جحظة، قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
  كان مزاحم العقيليّ يهوى امرأة من قومه يقال لها ميّة، فتزوّجت رجلا كان / أقرب إليها من مزاحم، فمر عليها بعد أن دخل بها زوجها، فوقف عليها ثم قال:
  /
  أيا شفتي ميّ أما من شريعة ... من الموت إلا أنتما توردانيا!
  ويا شفتي ميّ أمالي إليكما ... سبيل وهذا الموت قد حلّ دانيا!
(١) ف: «انهمالها».
(٢) تساخف مالها: رق حالها.
(٣) أمته: أصابت أم دماغه.
(٤) ف، مي:
«ولا لبّى أميرك»
(٥) قعسا جمع أقعس أي ثابتة. وفي مد: «تمسي مكانها».
(٦) مد، ف:
«ولا أستديم ..... تورّط بي وهنا بكعبي وساقيا «