كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مزاحم ونسبه

صفحة 71 - الجزء 19

  ويا شفتي ميّ أما تبذلان لي ... بشيء وإن أعطيت أهلي وماليا!

  فقالت: أعزز عليّ يا بن عمّ بأن تسأل ما لا سبيل إليه، وهذا أمر قد حيل دونه، فاله عنه. فانصرف.

  جرير يتمنى أن يكون له بعض شعر مزاحم

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثنا محمد بن يزيد النّحويّ، قال:

  حدّثني عمارة بن عقيل قال: قال لي أبي: قال عبد الملك بن مروان لجرير: يا أبا حرزة، هل تحب أن يكون لك بشيء من شعرك شيء من شعر غيرك؟ قال: لا، ما أحبّ ذلك، إلا أنّ غلاما ينزل الرّوضات من بلاد بني عقيل يقال له مزاحم العقيليّ، يقول حسنا من الشعر⁣(⁣١) لا يقدر أحد من أن يقول مثله، كنت أحبّ أن يكون لي بعض شعره مقايضة ببعض شعري.

  هوى امرأة من قومه يقال لها ليلى وتزوجت غيره

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثني عمّي، عن العبّاس بن هشام، عن أبيه، قال:

  كان مزاحم العقيليّ يهوى امرأة من قومه يقال لها ليلى، فغاب غيبة عن بلاده، ثم عاد وقد زوّجت، فقال في ذلك:

  أتاني بظهر الغيب أن قد تزوّجت ... فظَّلت بي الأرض الفضاء تدور

  وزايلني لبّي وقد كان حاضرا ... وكاد جناني عند ذاك يطير

  فقلت وقد أيقنت أن ليس بيننا ... تلاق وعيني بالدموع⁣(⁣٢) تمور

  / أيا سرعة الأخبار حين تزوّجت ... فهل يأتينّي بالطَّلاق بشير

  ولست بمحص حبّ ليلى لسائل ... من النّاس إلا أن أقول كثير

  صوت

  لها في سواد القلب تسعة أسهم ... وللناس طرّا من هواي عشير⁣(⁣٣)

  قال ابن الكلبيّ: ومن الناس من يزعم أنّ ليلى هذه التي يهواها مزاحم العقيليّ هي التي كان يهواها المجنون، وأنهما اجتمعا هو ومزاحم في حبّها.

  هوى امرأة أخرى من قشير وتزوجت غيره

  قال الأصبهانيّ: وقد أخبرني بشرح هذا الخبر الحسن بن عليّ، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد، عن عليّ بن الصّباح، عن ابن الكلبيّ، قال:

  كان مزاحم بن مرّة العقيلي يهوي امرأة⁣(⁣٤) من قشير يقال لها ليلى بنت موازر، ويتحدّث إليها مدة حتى شاع أمرهما، وتحدّثت جواري الحيّ به، فنهاه أهلها عنها، وكانوا متجاورين، وشكوه إلى الأشياخ من قومه فنهوه


(١) مي، مد: «وحشيّا من الشعر».

(٢) مي:

«وعيني بالدماء»

(٣) عشير، أي جزء من العشرة.

(٤) ف: «جارية من قشير».