كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار بكر بن النطاح ونسبه

صفحة 80 - الجزء 19

  وبكاه مصحفه وصدر قناته⁣(⁣١) ... والمسلمون ودولة السّلطان

  وغدت تعقّر خيله وتقسّمت ... أدراعه وسوابغ الأبدان

  أفتحمد الدّنيا وقد ذهبت ... بمن كان المجير لنا من الحدثان!

  تشوقه بغداد وهو بالجبل

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: أنشدني أبو غسّان دماذ لبكر بن النّطَّاح يتشوّق بغداد وهو بالجبل يومئذ:

  نسيم المدام وبرد السّحر ... هما هيّجا الشّوق حتى ظهر

  تقول: اجتنب دارنا بالنّهار ... وزرنا إذا غاب ضوء القمر

  فإنّ لنا حرسا إن رأوك ... ندمت وأعطوا عليك الظَّفر

  وكم صنع اللَّه من مرّة ... عليهم وقد أمروا بالحذر

  سقى اللَّه بغداد من بلدة ... وساكن بغداد صوب المطر

  ونبّئت أنّ جواري القصو ... ر صيّرن ذكري حديث السّمر

  ألا ربّ سائلة بالعرا ... ق عنّي وأخرى تطيل الذّكر⁣(⁣٢)

  تقول: عهدنا أبا وائل ... كظبي الفلاة المليح الحور

  ليالي كنت أزور القيان ... كأنّ ثيابي بهار الشّجر⁣(⁣٣)

  هوى جارية من القيان وقال فيها شعرا

  حدّثني جعفر بن قدامة، قال: حدّثني ميمون بن هارون، قال:

  كان بكر بن النّطَّاح يهوى جارية من جواري القيان وتهواه، وكانت لبعض الهاشميّين، يقال لها درّة، وهو يذكرها في شعره كثيرا، وكان يجتمع معها في منزل / رجل من الجند من أصحاب أبي دلف يقال له: الفرز، فسعى به إلى مولاها، وأعلمه أنه قد أفسدها وواطأها على أن تهرب معه إلى الجبل، فمنعه من لقائها وحجبه عنها، إلى أن خرج إلى الكرج مع أبي دلف، فقال بكر بن النّطَّاح في ذلك:

  أهل دار بين الرّصافة والجس ... ر أطالوا غيظي بطول الصّدود

  عذّبوني ببعدهم وابتلوا قلب ... ي بحزنين⁣(⁣٤): طارف وتليد

  ما تهبّ الشّمال إلا تنفّ ... ست وقال الفؤاد للعين: جودي

  قلّ عنهم صبري ولم يرحموني ... فتحيّرت كالطَّريد الشّريد

  وكلتني الأيام فيك إلى نفس ... ي فأعييت وانتهى مجهود

  وقال فيها أيضا وفيه غناء من الرمل الطنبوريّ:


(١) مد، ب: «وصدر حسامه».

(٢) ف، مي: «الفكر».

(٣) البهار: نبت طيب الرائحة.

(٤) ب: «بحبين».