كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أشعب وأخباره

صفحة 97 - الجزء 19

  قال أحمد: وحدثناه أبو محمد بن سعد، قال: حدّثني أحمد بن معاوية بن بكر، قال: حدّثني الواقديّ، قال:

  كنت مع أشعب نريد المصلَّى، فوجد دينارا، فقال لي: يا بن واقد، قلت: ما تشاء؟ قال: وجدت دينارا فما أصنع به؟ قال: قلت: عرّفه، قال: أم العلاء إذا طالق، قال: قلت: فما تصنع به إذا؟ قال: أشتري به قطيفة أعرّفها.

  قال: وحدّثني محمد بن القاسم، قال: وحدّثنيه محمد بن عثمان⁣(⁣١) الكريزيّ، عن الأصمعيّ: أن أشعب وجد دينارا فتخرّج من أخذه دون أن يعرّفه، فاشترى به قطيفة، ثم قام على باب المسجد الجامع فقال: من يتعرف الوبدة⁣(⁣٢)؟.

  أخبرني أحمد الجوهريّ، قال: حدّثني محمد بن القاسم، قال: سألت العنزيّ، فقال: الوبد / من كل شيء:

  الخلق؛ وبد الثوب وومد إذا أخلق.

  أشعب يطرب الناس بغنائه

  أخبرنا أحمد، قال: حدّثني محمد بن القاسم، قال: حدثنا عيسى بن موسى، قال: حدثنا الأصمعيّ، قال:

  رأيت أشعب يغنّي وكأن صوته صوت بلبل.

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبد اللَّه في رفقة فيها ألف محمل، وكان ثمّ قاصّ يقصّ عليهم، فجئت فأخذت في أغنية من الرقيق، فتركوه وأقبلوا إليّ، فجاء يشكوني إلى سالم فقال: إن هذا صرف وجوه الناس عني، قال: وأتيت سالما - وأحسبه قال - والقاسم، فسألتهما بوجه اللَّه العظيم، فأعطياني، وكانا ببغضانني أو أجدهما يبغضني في اللَّه، قال: قلنا: لا تجعل هذا في الحديث، قال: بلى.

  حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا محمد بن القاسم، قال: وحدّثناه قعنب بن محرز الباهليّ، قال: أخبرنا الأصمعيّ، عن أشعب، قال:

  قدم علينا قاصّ كوفيّ يقصّ في رفقته، وفيها ألف بعير، فخرجنا وأحرمنا من الشّجرة بالتّلبية، فأقبل الناس إليّ وتركوه. قال: ابن أمّ حميد، فجاء إليّ عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان، فقال: إنّ مولاك هذا قد ضيّق عليّ معيشتي.

  أشعب وزياد بن عبد اللَّه الحارثي

  أخبرنا أحمد، قال: حدّثنا محمد بن القاسم، قال: أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن الجهم، عن المدائنيّ، قال:

  تغدّى أشعب مع زياد بن عبد اللَّه الحارثيّ، فجاؤوا بمضيرة⁣(⁣٣)، فقال أشعب لخبّاز: ضعها بين يديّ، فوضعها بين يديه، فقال زياد: من يصلَّي بأهل السّجن؟ قال: ليس لهم إمام، قال: أدخلوا أشعب يصلَّي بهم، قال أشعب:

  أو غير ذلك أصلح اللَّه الأمير؟ قال: وما هو؟ قال: أحلف ألَّا آكل مضيرة أبدا.

  أخبرنا أحمد، قال: حدّثنا محمد بن القاسم، قال: حدّثني قعنب بن المحرز، قال: حدّثنا الأصمعيّ، قال:


(١) ف: «محمد بن عمران الكريزي».

(٢) ف: «من يتعرف الومدة».

(٣) المضيرة عند العرب: طبخ اللحم باللبن البحت الصريح الَّذي قد حذى اللسان حتى ينضج اللحم وتخثر المضيرة.