أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  وسط أحمد بن المرزبان المنتصر
  حدّثني عمّي، قال: حدّثني أحمد بن المرزبان، قال:
  جاءني عبد اللَّه بن العبّاس في خلافة المنتصر وقد سألني عرض رقعة عليه، فأعلم أنّي نائم، وقد كنت شربت باللَّيل شربا كثيرا، فصلَّيت الغداة ونمت، فلما انتبهت إذا رقعة عند رأسي وفيها مكتوب:
  أنا بالباب واقف منذ أصب ... حت على السّرج ممسك بعناني
  وبعين البوّاب كلّ الَّذي بي ... ويراني كأنّه لا يراني
  فأمرت بإدخاله، فدخل، فعرّفته خبري واعتذرت إليه وعرضت رقعته على المنتصر وكلَّمته حتى قضى حاجته.
  غناؤه مع إسحاق
  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا حمّاد بن إسحاق، قال:
  دعا عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ يوما أبي، وسأله أن يبكر إليه(١) ففعل، فلما دخل بادر إليه عبد اللَّه بن العبّاس ملتقيا وفي يده العود وغنّاه:
  قم نصطبح يفديك كلّ مبخّل ... عاب(٢) الصّبوح لحبّه للمال
  من قهوة صفراء صرف(٣) مزّة ... قد عتّقت في الدّنّ مذ أحوال
  / قال: وقدّم الطَّعام فأكلنا واصطبحنا، واقترح أبي هذا الصّوت عليه بقيّة يومه.
  يناشد الشعر مع إسحاق بعد أن غنى
  قال: وأتيته في داره بالمطيرة(٤) عائدا، فوجدته في عافية، فجلسنا نتحدّث فأنشدته لذي الرّمّة:
  إذا ما امرؤ حاولن أن يقتتلنه ... بلا إحنة بين النّفوس ولا ذحل
  تبسّمن عن نور الأقاحيّ في الثّرى ... وفتّرن عن أبصار مكحولة نجل
  وكشّفن عن أجياد غزلان رملة ... هجان فكان القتل أو شبهة(٥) القتل
  وإنّا لنرضى حين نشكو بخلوة ... إليهن حاجات النّفوس بلا بذل
  وما الفقر أزرى عندهنّ بوصلنا ... ولكن جرت أخلاقهنّ على البخل
  قال: فأنشدني هو:
  أنّى اهتدت لمناخنا(٦) جمل ... ومن الكرى لعيوننا كحل
(١) ب: «يبكر عليه».
(٢) ب: «دأب الصبوح».
(٣) ب: «صفر مرة».
(٤) المطيرة: قرية من نواحي سامراء، كانت من متنزهات بغداد وسامراء.
(٥) ف: «أو شبه». وفي مي، مد: «مشبه القتل».
(٦) المناخ: محل الإقامة.