أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  طرقت أخا سفر وناجية ... خرقاء عرّفني بها الرّحل(١)
  في مهمه هجع الدّليل به ... وتعلَّلت بصريفها البزل(٢)
  فكأنّ أحدث من ألمّ به ... درجت على آثاره النّمل
  قال إسحاق: فقال لي عبد اللَّه بن العبّاس: كلّ ما يملك في سبيل اللَّه إن فارقتك ولم نصطبح على هذين الشّعرين، وأنشدك وتنشدني، ففعلنا ذلك وما غنّينا ولا غنّينا.
  اصطبح مع خادم صالح بن عجيف على زنا بنت الخس
  أخبرني محمد بن مزيد، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، قال:
  / لقيت عبد اللَّه بن العبّاس يوما في الطَّريق فقلت له: ما كان خبرك أمس؟ فقال: اصطحبت، فقلت: على ما ذا ومع من؟ فقال: مع خادم صالح بن عجيف، وأنت به عارف، وبخبري معه ومحبّتي له عالم، فاصطبحنا على زنا بنت الخسّ(٣) لمّا حملت من زنا، وقد سئلت: ممّن حملت؟ فقالت:
  أشمّ كغصن البان جعد مرجّل ... شغفت به لو كان شيئا مدانيا
  ثكلت أبي إن كنت ذقت كريقه ... سلافا ولا عذبا من الماء صافيا(٤)
  وأقسم لو خيّرت بين فراقه ... وبين أبي لاخترت أن لا أباليا
  فإن لم أوسّد ساعدي بعد هجعة(٥) ... غلاما هلاليّا فشلَّت بنانيا(٦)
  فقلت له: أقمت على لواط وشربت على زنا، واللَّه ما سبقك إلى هذا أحد.
  طلب من فائز غلام محمد بن راشد الغناء وهم يشربون
  أخبرني محمد بن العبّاس اليزيديّ، قال: أخبرني ميمون بن هارون، قال:
  كان محمد بن راشد الخنّاق عند عبد اللَّه بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع على القاطول في أيام المعتصم، وكان لمحمد بن راشد غلام يقال له: فائز، يغنّي غناء حسنا، فأظلَّتهم سحابة وهم يشربون، فقال عبد اللَّه بن العبّاس:
  محمد قد جادت علينا بمائها ... سحابة مزن برقها يتهلَّل
  ونحن من القاطول في متربّع ... ومنزلنا فيه المنابت مبقل(٧)
  فمر فائزا يشدو إذا ما سقيتني ... أعن ظعن الحيّ الألى كنت تسأل
  ولا تسقني إلا حلالا فإنّني ... أعاف من الأشياء ما لا يحلَّل
(١) ف، مد: «عرّق نيّها الرحل». وفي مي: «عرق قتبها». والناجية: الناقة السريعة.
(٢) المهمة: المفازة البعيدة، والصريف: صرير ناب البعير، والبزل جمع بازل، وهو البعير الَّذي انشق نابه بدخوله في السنة التاسعة.
(٣) ب: «الحسن». وفي مي، مد: «الخنس».
(٤) ف: «سلافا ولا ماء من المزن صافيا».
(٥) ف: «بعد رقدة».
(٦) المختار: «فشلت يمينيا».
(٧) القاطول: اسم نهر كأنه مقطوع من دجلة، وكان في موضع سامراء قبل أن تعمر وكان الرشيد أول من حفر هذا النهر. (معجم البلدان). وفي ب:
«ومنزلنا جم المذانب مبقل»