أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  لحنا في شعري الفلانيّ، وغنّني به، وكان عبد اللَّه حلف لا يغنّي في شعره، فأطرق مليّا، ثم غنّى في شعر قاله للوقت وهو:
  يا طيب يومي في قراح النّرجس ... في مجلس ما مثله من مجلس!
  تسقى مشعشعة كأنّ شعاعها ... نار تشبّ لبائس مستقبس
  قال: فجهد أبي بالمنتصر يوما واحتال عليه بكلّ حيلة أن يصله بشيء فلم يفعل.
  غنى للمتوكل فأطربه وأمر له بجائزة
  حدّثني عمّي، قال: حدّثني أحمد بن المرزبان، قال: حدّثني أبي، قال:
  غضبت قبيحة على المتوكَّل وهاجرته، فجلس ودخل الجلساء والمغنّون، وكان فيهم عبد اللَّه بن العبّاس الربيعيّ، وكان قد عرف الخبر، فقال هذا الشّعر وغنّى فيه:
  لست منّي ولست منك فدعني ... وامض عنّي مصاحبا بسلام(١)
  / لم تجد علَّة تجنّى بها ال ... ذّنب فصارت تعتلّ بالأحلام
  / فإذا ما شكوت ما بي قالت: ... قد رأينا خلاف ذا في المنام
  قال: فطرب المتوكَّل وأمر له بعشرين ألف درهم وقال له: إنّ في حياتك يا عبد اللَّه لأنسا وجمالا وبقاء للمروءة والظَّرف.
  غنى بشعر للسليك
  أخبرني عمّي، قال: حدّثني أحمد بن المرزبان، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ، قال:
  كنت في بعض العساكر فأصابتنا السّماء حتى تأذّينا، فضربت لي قبّة تركيّة، وطرح لي فيها سريران، فخطر بقلبي قول السّليك:
  صوت
  قرّب النّحّام(٢) واعجل يا غلام ... واطرح السّرج عليه واللَّجام
  أبلغ(٣) الفتيان أنّى خائض ... غمرة الضّرب فمن شاء أقام
  فغنّيت فيه لحني المعروف، وغدونا فدخلت مدينة، فإذا أنا برجل يغنّي به وو اللَّه ما سبقني إليه أحد ولا سمعه منّي أحد، فما أدري من الرّجل، ولا من أين كان له، وما أرى إلا أنّ الجنّ أوقعته في لسانه!.
(١) ف:
«يا حبيبي مصاحبا بسلام»
(٢) النحام: اسم فرس.
(٣) ف: «أبلغ».