أخبار عبد الله بن العباس الربيعي
  غنى لمحمد بن الجهم فاحتمل خراجه في سنة
  حدّثني عمّي، قال: حدّثني أحمد بن المرزبان، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ، قال:
  كنت عند محمد بن الجهم البرمكيّ بالأهواز، وكانت ضيعتي في يده، فغنّيته في يوم مهرجان وقد دعانا للشّرب:
  صوت
  المهرجان ويوم الاثنين ... يوم سرور قد حفّ بالزّين(١)
  ينقل من وغرة المصيف إلى(٢) ... برد شتاء ما بين فصلين
  محمد يا بن الجهم ومن بنى ... للمجد بيتا من خير بيتين(٣)
  عش ألف نيروز ومهرج فرحا ... في طيب عيش وقرّة العين(٤)
  قال: فسرّ بذلك واحتمل خراجي في تلك السّنة، وكان مبلغه ثلاثين ألف درهم.
  عشق جارية عند أبي عيسى بن الرشيد فوجه بها معه إلى منزله
  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني ابن أبي سعد، قال: حدّثني أبو توبة القطرانيّ، عن محمد بن حسين(٥)، قال:
  كنّا عند أبي عيسى بن الرّشيد في زمن الرّبيع ومعنا مخارق، وعلَّوية، وعبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ، ومحمد بن الحارث بن بسخنّر(٦)، ونحن مصطبحون في طارمة(٧) مضروبة على بستانه، وقد تفتّح فيه ورد وياسمين وشقائق، والسماء متغيّمة غيما مطبقا، وقد بدأت ترشّ رشّا ساكبا(٨)، فنحن في أكمل نشاط وأحسن يوم إذ خرجت قيّمة دار أبي عيسى فقالت: يا سيّدي، قد جاءت عساليج، فقال: لتخرج إلينا، فليس بحضرتنا من تحتشمه، فخرجت إلينا جارية شكلة(٩) حلوة، حسنة العقل والهيئة / والأدب، في يدها عود. فسلَّمت، فأمرها أبو عيسى بالجلوس فجلست، وغنّى القوم حتى انتهى الدّور إليها، وظنّنا أنها لا تصنع شيئا وخفنا أن تهابنا فتحصر، فغنّت غناء حسنا مطربا متقنا، ولم تدع أحدا ممّن حضر إلا غنّت صوتا من صنعته وأدّته على غاية الإحكام، فطربنا
(١) ف: «يوم سرور طيب زين».
(٢) ف: «ينقل من حر مصيف إلى».
(٣) ف:
«محمد بن الجهم يا من بنا ... هـ المجد من أكرم بيتين «
(٤) ف، مي، مد:
«عش ألف نيروز ومهرج بنا ... مغتبطا في قرة العين «
(٥) ف: «محمد بن جبر».
(٦) ب، مي، مد: «بن بشخير».
(٧) الطارمة: بيت من خشب كالقبة (معرب).
(٨) ف: «رشّا ساكنا».
(٩) شكلت المرأة شكلا: كانت ذات دلال وغزل، فهي شكلة.