كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار سلم الخاسر ونسبه

صفحة 183 - الجزء 19

  بعد الرثاء في حياة من يعنيه رثاؤهم

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني عليّ بن الحسن الشّيبانيّ، قال: حدّثني أبو المستهلّ، قال:

  / دخلت يوما على سلم الخاسر، وإذا بين يديه قراطيس فيها أشعار يرثي ببعضها أمّ جعفر، وببعضها جارية غير مسمّاة، وببعضها أقواما لم يموتوا، وأمّ جعفر يومئذ باقية. فقلت له: ويحك! ما هذا؟ فقال: تحدث الحوادث فيطالبوننا⁣(⁣١) بأن نقول فيها، ويستعجلوننا⁣(⁣١)، ولا يجمل بنا أن نقول غير الجيّد، فنعدّ لهم هذا قبل كونه، فمتى حدث حادث أظهرنا ما قلناه فيه قديما، على أنه قيل في الوقت.

  إعجاب المأمون ببيت: تعالى اللَّه يا سلم

  أخبرني محمد بن مزيد وعيسى بن الحسين، قالا: حدثنا الزبير بن بكَّار، قال: قال عبد اللَّه بن الحسن الكاتب:

  أنشد المأمون قول أبي العتاهية:

  تعالى اللَّه يا سلم بن عمرو ... أذلّ الحرص أعناق الرجال

  فقال المأمون: صدق لعمر اللَّه، إنّ الحرص لمفسدة للدّين والمروءة، واللَّه ما رأيت من رجل قط حرصا ولا شرها، فرأيت فيه مصطنعا. فبلغ ذلك سلما الخاسر، فقال: ويلي على ابن الفاعلة بياع الخزف، كنز البدور بمثل ذلك الشعر المفكَّك الغثّ، ثم تزهّد بعد أن استغني، وهو دائبا يهتف بي، وينسبني إلى الحرص، وأنا لا أملك إلا ثوبيّ هذين.

  يسكت أبا الشمقمق عن هجائه بخمسة دنانير

  أخبرني عمّي والحسن بن عليّ، قالا: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: حدثنا زكريا بن مهران، قال:

  طالب أبو الشمقمق سلما الخاسر بأن يهب له شيئا، وقد خرجت لسلم جائزة، فلم يفعل، فقال أبو الشمقمق يهجوه:

  يا أمّ سلم هداك اللَّه زورينا ... كيما ننيك فردا أو تنيكينا

  / ما إن ذكرتك إلَّا هاج⁣(⁣٢) لي شبق ... ومثل ذكراك أمّ السلم يشجينا

  قال: فجاءه سلم فأعطاه خمسة دنانير، وقال: أحبّ أن تعفيني من استزارتك أمّي وتأخذ هذه الدنانير فتنفقها.

  من شعره حين ولى يعقوب بن داود بعد أبي عبيد اللَّه

  أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني يحيى بن الحسن بن عبد الخالق، قال:

  حدّثني محمد بن القاسم بن الربيع عن أبيه، قال:


(١) كذا في المختار، وفي س: «يطالبونا ويستعجلونا»، وما أثبتناه أكثر استعمالا.

(٢) في المختار:

«هجت لي شبقا»