أخبار فضل الشاعرة
١٥ - أخبار فضل الشاعرة(١)
  نشأتها وصفاتها
  كانت فضل جارية مولَّدة من مولَّدات البصرة، وكانت أمها من مولَّدات اليمامة. بها ولدت، ونشأت في دار رجل من عبد القيس، وباعها بعد أن أدّبها وخرّجها، فاشتريت وأهديت إلى المتوكل. وكانت هي تزعم أن الَّذي باعها أخوها، وأن أباها وطئ أمها فولدتها منه، فأدّبها وخرّجها معترفا بها، وأنّ بنيه من غير أمها تواطئوا على بيعها وجحدها، ولم تكن تعرف بعد أن أعتقت إلا بفضل العبدية. وكانت حسنة الوجه والجسم والقوام، أديبة فصيحة سريعة البديهة، مطبوعة في قول الشعر. ولم يكن في نساء زمانها أشعر منها.
  كانت تجلس للرجال ويجيبها الشعراء
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدّثني أحمد بن أبي طاهر، قال: كانت فضل الشاعرة لرجل من النخّاسين بالكرخ يقال له: حسنويه، فاشتراها محمد بن الفرج أخو عمر بن الفرج الرّخّجيّ، وأهداها إلى المتوكل، فكانت تجلس للرجال، ويأتيها الشعراء، فألقى عليها أبو دلف القاسم بن عيسى:
  قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم ... أشهى المطيّ إليّ ما لم يركب
  كم بين حبّة لؤلؤ مثقوبة ... نظمت وحبة لؤلؤ لم تثقب
  فقالت فضل مجيبة له:
  إن المطية لا يلذّ ركوبها ... ما لم تذلَّل بالزّمام وتركب
  والدّرّ ليس بنافع أصحابه ... حتى يؤلَّف للنّظام بمثقب(٢)
  شعرها في المتوكل حين دخلت عليه
  حدّثني عمّي ومحمد بن خلف، قالا: حدثنا أبو العيناء، قال: لما دخلت فضل الشاعرة على المتوكل يوم أهديت إليه قال لها: أشاعرة أنت؟ قالت: كذا زعم من باعني واشتراني، فضحك وقال: أنشدينا شيئا من شعرك فأنشدته:
  استقبل الملك إمام الهدى ... عام ثلاث وثلاثينا
  - تعني سنة ثلاث وثلاثين ومائتين من سني الهجرة -:
(١) وهذه الترجمة أيضا مما سقط من طبعة بولاق.
(٢) في المختار:
والحبّ ليس بنافع أربابه ما لم يؤلف في النظام ويثقب.