أخبار علي بن جبلة
  ولم يقم في يوم بأس وندى ... ولا تلاقى سبب إلى سبب
  تكاد تبدى الأرض ما تضمره ... إذا تداعت خيله هلا وهب(١)
  ويستهلّ أملا وخيفة ... جانبها إذا استهلّ أو قطب
  وهو وإن كان ابن فرعي وائل ... فبمساعيه يوافي(٢) في الحسب
  وبعلاه وعلا آبائه ... تحوى غداة السبق أخطار القصب
  يا زهرة الدنيا ويا باب الندى ... ويا مجير الرّعب من يوم الرّهب
  لولاك ما كان سدى(٣) ولا ندى ... ولا قريش عرفت ولا العرب
  خذها إليك من ملئ بالثنا ... لكنه غير ملئ بالنّشب
  / فاثو في الأرض أو استفزز بها ... أنت عليها الرأس والناس الذنب
  شهادة الشعراء بأنه صاحب مدح أبي دلف:
  قال: فلما غدا عليه بالقصيدة وأنشده إياها استحسنها من حضر، وقالوا: نشهد أن قائل / هذه قائل تلك، فأعطاه ثلاثين ألف درهم. وقد قيل: إن أبا دلف أعطاه مائة ألف درهم، ولكن أراها في دفعات؛ لأنه قصده مرارا كثيرة، ومدحه بعدة قصائد.
  المأمون يستنشد بعض جلسائه قصيدته في أبي دلف:
  أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال: حدّثني محمد بن موسى بن حماد قال: حدّثني أحمد بن أبي فنن قال:
  قال عبد اللَّه بن مالك:
  قال المأمون يوما لبعض جلسائه: أقسم على من حضر ممن يحفظ قصيدة عليّ بن جبلة الأعمى في القاسم بن عيسى إلَّا أنشدنيها، فقال له بعض الجلساء: قد أقسم أمير المؤمنين، ولا بد من إبرار قسمه، وما أحفظها، ولكنها مكتوبة عندي. قال: قم فجئني بها، فمضى وأتاه بها، فأنشده إياها وهي:
  ذاد ورد الغيّ عن صدره ... وارعوى واللَّهو من وطره
  وأبت إلَّا البكاء له ... ضحكات الشيب في شعره
  ندمي(٤) أن الشباب مضى ... لم أبلَّغه مدى أشره
  وانقضت أيامه سلما ... لم أجد حولا على غيره
  حسرت عني بشاشته ... وذوي المحمود من ثمره
  ودم أهدرت من رشإ ... لم يرد عقلا على هدره
(١) هلا وهب: اسمان لزجر الخيل.
(٢) كذا في ج. وفي ب، س: «تراقي»، تحريف.
(٣) س: «سرى».
(٤) في ج: «ندما».