كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي نواس وجنان خاصة

صفحة 261 - الجزء 20

  شعره وقد شتمته وتنقصته حين ذكر عشقه لها:

  أخبرني الحسن قال: حدّثنا ابن مهرويه عن يحيى بن محمد عن الخريميّ قال:

  بلغ أبا نواس أنّ امرأة ذكرت لجنان عشقه لها، فشتمته جنان وتنقصته وذكرته أقبح الذّكر، فقال:

  /

  وا بأبي من إذا ذكرت له ... وطول وجدي به تنقّصني

  لو سألوه عن وجه حجّته ... في سبّه لي لقال: يعشقني

  نعم إلى الحشر والتّناد نعم ... أعشقه أو ألفّ في كفني

  أصيح⁣(⁣١) جهرا لا أستسرّ به ... عنّفني فيه من يعنفني:

  يا معشر الناس فاسمعوه وعوا: ... أنّ جنانا صديقة الحسن

  شعره إليها وقد رآها في المنام بعد أن هجرته:

  فبلغها ذلك، فهجرته، وأطالت هجره، فرآها ليلة في منامه وأنها قد صالحته، فكتب إليها:

  إذا التقى في النوم طيفانا ... عاد لنا الوصل كما كانا

  يا قرّة العين فما بالنا ... نشقى ويلتذّ خيالانا

  لو شئت إذ أحسنت لي في الكرى ... أتممت إحسانك يقظانا

  يا عاشقين اصطلحا في الكرى ... وأصبحا: غضبى وغضبانا

  كذلك الأحلام غدّارة ... وربّما تصدق أحيانا

  الغناء في هذه الأبيات لابن جامع، ثقيل أول بالوسطى عن عمرو.

  يهجرها حين جبهته بما يكره، ويراها في المنام تصالحه، فينظم شعرا:

  وقال الخريمي: ورآها يوما في ديار ثقيف فجبهته بما كره، فغضب وهجرها مدة، فأرسلت إليه رسولا تصالحه فرده، ولم يصالحها، ورآها في النوم تطلب صلحه، فقال:

  دسّت له طيفها كيما تصالحه ... في النوم حين تابّى الصلح يقظانا

  فلم يجد عند طيفي طيفها فرجا ... ولا رثى لتشكَّيه ولا لأنا

  حسبت أنّ خيالي لا يكون لما ... أكون من أجله غضبان غضبانا

  / جنان لا تسأليني الصلح سرعة ذا ... فلم يكن هيّنا منك الَّذي كانا

  من شعره فيها:

  وأنشدني عليّ بن سليمان الأخفش لأبي نواس في جنان:

  أما يفنى حديثك عن جنان ... ولا تبقي على هذا اللسان!


(١) في س: «أصبح»، تحريف.