أخبار دعبل بن علي ونسبه
  ما شئت. فقال له يا أبا عليّ: أتقول لي هذا بعد ما مضى؟ فقال له: يا حبيبي لو أنّ رجلا ضرط سبعين ضرطة ما كان بمنكر أن يكون فيها دستنبوية(١) واحدة.
  لا يرى المأمون عجبا أن يهجوه:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثنا ابن مهرويه قال حدّثني محمد بن حاتم المؤدّب / قال:
  قيل للمأمون: إن دعبل بن عليّ قد هجاك، فقال: وأيّ عجب في ذاك؟ هو يهجو / أبا عبّاد ولا يهجوني أنا! ومن أقدم على جنون أبي(٢) عباد أقدم على حلمي، ثم قال للجلساء: من كان منكم يحفظ شعره في أبي عبّاد فلينشدنيه، فأنشده بعضهم:
  أولى الأمور بضيعة وفساد ... أمر يدبّره أبو عبّاد
  خرق على جلسائه فكأنهم ... حضروا لملحمة ويوم جلاد
  يسطو(٣) على كتابه بدواته ... فمضمّخ(٤) بدم ونضح مداد
  وكأنه من دير هزقل مفلت ... حرد يجر سلاسل الأقياد(٥)
  فاشدد أمير المؤمنين وثاقه ... فأصحّ منه بقيّة الحداد
  قال: وكان بقية هذا مجنونا في المارستان، فضحك المأمون. وكان إذا نظر إلى أبي عبّاد يضحك، ويقول لمن يقرب منه: واللَّه ما كذب دعبل في قوله.
  حدّثني جحظة عن ميمون بن هارون فذكر مثله أو قريبا منه.
  يزعم أن رجلا من الجن استنشده قصيدة مدارس آيات خلت:
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار ومحمد بن أحمد الحكيم قالا: حدثنا أنس ابن عبد اللَّه النبهانيّ قال: حدّثني عليّ بن المنذر قال: حدّثني عبد اللَّه بن سعيد الأشقريّ قال: حدّثني دعبل بن عليّ قال:
  لما هربت من الخليفة بتّ ليلة بنيسابور وحدي، وعزمت على أن أعمل قصيدة في عبد اللَّه بن طاهر في تلك الليلة، فإني لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود عليّ: السّلام عليكم ورحمة اللَّه، انج يرحمك اللَّه، فاقشعرّ بدني من ذلك، ونالني أمر عظيم، / فقال لي: لا ترع عافاك اللَّه؛ فإني رجل من إخوانك من الجن من ساكني اليمن طرأ إلينا طارئ من أهل العراق فأنشدنا قصيدتك:
  مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
  فأحببت أن أسمعها منك، قال فأنشدته إياها، فبكى حتى خرّ، ثم قال: رحمك اللَّه! ألا أحدثك حديثا يزيد في نيّتك ويعينك على التمسك بمذهبك؟ قلت: بلى قال: مكثت حينا أسمع بذكر جعفر بن محمد #،
(١) دستنبوية: نوع من البطيخ الأصفر.
(٢) في س: «أبا»، تحريف.
(٣) س: «بسطوا»، تحريف.
(٤) س: «فمضخ». تحريف.
(٥) راجع حواشي الصفحة ١٢٢ من طبعة دار الكتب.