كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

وممن غني في شعرة من ولد أبي محمد اليزيدي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد

صفحة 389 - الجزء 20

  كتب إلى أخي بعض إخوانه ممن كان يألفه ويديم زيارته، ثم انقطع عنه - يعتذر إليه من تأخره عنه، فكتب إليه:

  /

  إني امرؤ أعذر إخواني ... في تركهم برّي وإتياني

  لأنه لا لهو عندي ولا ... لي اليوم جاه عند سلطان

  وأكثر الإخوان في دهرنا ... أصحاب تمييز ورجحان

  فمن أتاني منعما مفضلا ... فشكره عندي شكران

  ومن جفاني لم يكن لومه ... عندي ولا تعنيفه شاني

  أعفو عن السيّء من فعلهم ... وأتبع الحسنى بإحسان

  حسب صديقي أنه واثق ... مني بإسراري وإعلاني

  ينشد المأمون شعرا وهو لا يزال غلاما:

  حدّثني اليزيديّ قال: حدّثني أبي عن عمي من أبي جعفر أحمد بن محمد قال:

  دخلت على المأمون وهو في مجلس غاصّ بأهله - وأنا يومئذ غلام - فاستأذنت في الإنشاد، فأذن، فأنشدته مديحا لي مدحته به، وكان يستمع للشاعر ما دام في تشبيب أو وصف ضرب من الضروب، حتى إذا بلغ إلى مديحه لم يسمع منه إلَّا بيتين أو ثلاثة، ثم يقول للمنشد: حسبك ترفعا، فأنشدته:

  يا من شكوت إليه ما ألقاه ... وبذلت من وجدي له أقصاه

  فأجابني بخلاف ما أمّلته ... ولربما منع الحريص مناه

  أترى جميلا أن شكا ذو صبوة ... فهجرته وغضبت من شكواه

  / يكفيك صمت أو جواب مؤيس ... إن كنت تكره وصله وهواه

  موت المحب سعادة إن كان من ... يهواه يزعم أن ذاك رضاه

  فلما صرت إلى المديح قلت:

  أبقى لنا اللَّه الإمام وزاده ... عزّا إلى العز الَّذي أعطاه

  فاللَّه مكرمنا بأنا معشر ... عتقاء من نعم العباد سواه

  / فسرّ بذلك وضحك، وقال: جعلنا اللَّه وإياكم ممن يشكر النعمة، ويحسن العمل.

  ينشد المأمون شعرا وهو يريد الغزو:

  أخبرنا محمد بن العباس قال: حدّثني أبي عن أخيه أبي جعفر قال:

  دخلت يوما على المأمون بقارا⁣(⁣١)، وهو يريد الغزو فأنشدته شعرا مدحته فيه؛ أوله:


(١) كذا بالنسخ، ولم أعثر على موضع بهذا الاسم.