كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خالد الكاتب

صفحة 403 - الجزء 20

  فتركن منه بعد طيّته ... مثل الَّذي أبقين من لبد⁣(⁣١)

  قال، فقلت له: يا أبا الهيثم مذ كم دخلت في قول الهجاء؟ قال: مذ سالمت فحوربت، وصافيت فتوقفت.

  شعره في غلام نافس أبا تمام في حبه:

  وقال الرياشي: كان خالد مغرما بالغلمان المرد، ينفق عليهم كلّ ما يفيد، فهوي غلاما يقال له: عبد اللَّه، وكان وتمام الطائي يهواه، فقال فيه خالد:

  قضيب بان جناه ورد ... تحمله وجنة وخدّ

  لم أثن طرفي إليه إلَّا ... مات عراء وعاش وجد

  ملَّك طوع النفوس حتّى⁣(⁣٢) ... علَّمه الزهو حين يبدو

  واجتمع الصدّ فيه حتّى ... ليس لخلق سواه صدّ

  فبلغ أبا تمام ذلك فقال فيه أبياتا منها:

  شعرك هذا كلَّه مفرط⁣(⁣٣) ... في برده يا خالد البارد

  فعلمها⁣(⁣٤) الصبيان، فلم يزالوا يصيحون به: يا خالد يا بارد حتى وسوس، قال: ومن الناس من يزعم أن هذا السبب كان بينه وبين رجل غير أبي تمام، وليس الأمر كذلك.

  هجاؤه أبا تمام:

  [وكان خالد]⁣(⁣٥) قد هجا أبا تمام في هذه القصّة فقال فيه:

  يا معشر المرد إني ناصح لكم ... والمرء في القول بين الصدق والكذب

  لا ينكحنّ حبيبا منكم أحد ... فإنّ وجعاءه⁣(⁣٦) أعدى من الجرب

  لا تأمنوا أن تحولوا بعد ثالثة ... فتركبوا عمدا ليست من الخشب

  يستنشده إبراهيم بن المهدي حين بويع ويستمع شعره:

  حدّثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدّثني الحسن بن إسحاق قال: حدّثني خالد الكاتب، قال: لما بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني - وقد كان يعرفني - وكنت / متّصلا ببعض أسبابه، فأدخلت إليه فقال: أنشدني يا خالد شيئا من شعرك، فقلت: يا أمير المؤمنين، ليس شعري من الشعر الَّذي قال فيه رسول اللَّه : «إنّ من الشّعر لحكما»، وإنما أمزح وأهزل، فقال: لا تقل هذا، فإنّ جدّ الأدب وهزله جدّ، هات أنشدني، فأنشدته:

  عش فحبّيك سريعا قاتلي ... والضّنى إن لم تصلني واصلي


(١) لبد: آخر نسور لقمان. وكانت سبعة، كلما هلك نسر خلفه نسر حتى هلكت كلها.

(٢) في «المختار»: «كيف» تحريف.

(٣) في «المختار»: «مفرط كله».

(٤) في «المختار»، هد: «فعلقها».

(٥) ما بين العلامتين زيادة من المختار تصلح بها العبارة.

(٦) الوجعاء: الدبر.