أخبار خالد الكاتب
  فتركن منه بعد طيّته ... مثل الَّذي أبقين من لبد(١)
  قال، فقلت له: يا أبا الهيثم مذ كم دخلت في قول الهجاء؟ قال: مذ سالمت فحوربت، وصافيت فتوقفت.
  شعره في غلام نافس أبا تمام في حبه:
  وقال الرياشي: كان خالد مغرما بالغلمان المرد، ينفق عليهم كلّ ما يفيد، فهوي غلاما يقال له: عبد اللَّه، وكان وتمام الطائي يهواه، فقال فيه خالد:
  قضيب بان جناه ورد ... تحمله وجنة وخدّ
  لم أثن طرفي إليه إلَّا ... مات عراء وعاش وجد
  ملَّك طوع النفوس حتّى(٢) ... علَّمه الزهو حين يبدو
  واجتمع الصدّ فيه حتّى ... ليس لخلق سواه صدّ
  فبلغ أبا تمام ذلك فقال فيه أبياتا منها:
  شعرك هذا كلَّه مفرط(٣) ... في برده يا خالد البارد
  فعلمها(٤) الصبيان، فلم يزالوا يصيحون به: يا خالد يا بارد حتى وسوس، قال: ومن الناس من يزعم أن هذا السبب كان بينه وبين رجل غير أبي تمام، وليس الأمر كذلك.
  هجاؤه أبا تمام:
  [وكان خالد](٥) قد هجا أبا تمام في هذه القصّة فقال فيه:
  يا معشر المرد إني ناصح لكم ... والمرء في القول بين الصدق والكذب
  لا ينكحنّ حبيبا منكم أحد ... فإنّ وجعاءه(٦) أعدى من الجرب
  لا تأمنوا أن تحولوا بعد ثالثة ... فتركبوا عمدا ليست من الخشب
  يستنشده إبراهيم بن المهدي حين بويع ويستمع شعره:
  حدّثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدّثني الحسن بن إسحاق قال: حدّثني خالد الكاتب، قال: لما بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني - وقد كان يعرفني - وكنت / متّصلا ببعض أسبابه، فأدخلت إليه فقال: أنشدني يا خالد شيئا من شعرك، فقلت: يا أمير المؤمنين، ليس شعري من الشعر الَّذي قال فيه رسول اللَّه ﷺ: «إنّ من الشّعر لحكما»، وإنما أمزح وأهزل، فقال: لا تقل هذا، فإنّ جدّ الأدب وهزله جدّ، هات أنشدني، فأنشدته:
  عش فحبّيك سريعا قاتلي ... والضّنى إن لم تصلني واصلي
(١) لبد: آخر نسور لقمان. وكانت سبعة، كلما هلك نسر خلفه نسر حتى هلكت كلها.
(٢) في «المختار»: «كيف» تحريف.
(٣) في «المختار»: «مفرط كله».
(٤) في «المختار»، هد: «فعلقها».
(٥) ما بين العلامتين زيادة من المختار تصلح بها العبارة.
(٦) الوجعاء: الدبر.