أخبار أيمن بن خريم
  قال: دخل نصيب يوما إلى(١) عبد العزيز بن مروان، فأنشده قصيدة له امتدحه بها فأعجبته، وأقبل على أيمن بن خريم فقال: كيف ترى شعر مولاي هذا؟ قال: هو أشعر أهل جلدته(٢). فقال: هو أشعر واللَّه منك. قال أمنّي أيها الأمير؟.
  / فقال: إي واللَّه، قال: لا واللَّه، ولكنك طرف(٣) ملول، فقال له: لو كنت كذلك ما صبرت على مؤاكلتك منذ سنة وبك من البرص ما بك(٤)، فقال: ائذن لي أيها الأمير في الانصراف، قال: ذلك إليك، فمضى لوجهه حتى لحق ببشر بن مروان، وقال فيه:
  ركبت من المقطَّم في جمادى ... إلى بشر بن مروان البريدا
  ولو أعطاك بشر ألف ألف ... رأى حقا عليه أن يزيدا
  أمير المؤمنين أقم ببشر ... عمود الدين إنّ له عمودا
  ودع بشرا يقوّمهم ويحدث ... لأهل الزيغ إسلاما جديدا
  وإنّا قد وجدنا أمّ بشر ... كأمّ الأسد مذكارا ولودا
  كأنّ التاج تاج أبي هرقل ... جلوه لأعظم الأيام عيدا
  يحالف لونه ديباج بشر ... إذا الألوان حالفت الخدودا
  - يعرض بنمش كان بوجه عبد العزيز - فقبّله بشر بن مروان ووصله، ولم يزل أثيرا عنده.
  من مدحه في بشر بن مروان:
  أخبرني عمّي، قال: حدّثني الكرانيّ، وأبو العيناء عن العتبي، قال: لما أتى أيمن بن خريم بشر بن مروان نظر الناس(٥) يدخلون عليه أفواجا، فقال من يؤذن(٦) لنا الأمير أو يستأذن(٧) لنا عليه؟ قيل له: ليس على الأمير حجاب ولا ستر، فدخل وهو يقول:
  يرى بارزا للناس بشر كأنه ... إذا لاح في أثوابه قمر بدر
  / ولو شاء بشر أغلق الباب دونه ... طماطم(٨) سود أو صقالبة شقر
  أبى ذا ولكن سهّل الإذن للتي ... يكون له في غبّها الحمد والشكر
  فضحك إليه بشر، وقال: إنا(٩) قوم نحجب الحرم، وأما الأموال والطعام فلا، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
(١) في «المختار»: «على».
(٢) في «المختار»: «جلدته فقط، بل هو واللَّه أشعر منك».
(٣) الطرف: الَّذي لا يثبت على صحبة أحد لملله.
(٤) في «المختار» بعد كلمة «بك»: «وكان به وضح».
(٥) ف: «نظر إلى الناس».
(٦) في «المختار»: «يؤذن بنا».
(٧) في «المختار»: «ويستأذن».
(٨) الطماطم: جمع طمطم، والرجل المطمطم: الَّذي في لسانه عجمة.
(٩) في «المختار»: فضحك بشر إليه، وقال: يا قوم.