أخبار السليك بن السلكة ونسبه
  فاستعلق واستعوى(١) السليك قومه فخرج أحماس(٢) من بني سعد وبني عبد شمس - وكان في الربيع يعمد إلى بيض النعام فيملؤه من الماء ويدفنه في طريق اليمن في المفاوز. قال: فإذا غزا في الصيف مرّ به فاستثاره(٣) - فمرّ بأصحابه حتى إذا انقطعت عنهم المياه قالوا: يا سليك أهلكتنا ويحك! قال: قد بلغتم الماء، ما أقربكم منه! حتى إذا انتهى إلى قريب من المكان الَّذي خبأ الماء فيه طلبه فلم يجده، وجعل يتردد في طلبه. فقال بعض أصحابه لبعض:
  أين يقودكم هذا العبد؟ قد واللَّه هلكتم، وسمع ذلك. ثم أصاب الماء(٤) بعد ما ساء ظنهم، فهمّ السليك بقتل بعضهم، ثمّ أمسك.
  / فانصرفت عنه بنو عبد شمس في طوائف من بني سعد. قال: ومضى السليك في بني مقاعس ومعه رجل من بني حرام يقال له: صرد. فلمّا رأى أصحابه قد انصرفوا بكى ومضى به السّليك، حتى إذا دنوا من بلاد خثعم ضلَّت ناقة صرد في جوف الليل، فخرج في طلبها، فأصابه أناس حين أصبح، فإذا هم مراد وخثعم، فأسروه، ولحقه(٥) السليك فاقتتلوا قتالا شديدا.
  وكان أول من / لقيه قيس بن مكشوح، فأسره السليك بعد أن ضربه ضربة أشرفت على نفسه، وأصاب من نعمهم ما عجز عنه هو وأصحابه، وأصاب أمّ الحارث(٦) بنت عوف بن يربوع الخثعمية يومئذ، واستنقذ صرد من أيدي خثعم، ثم انصرف مسرعا، فلحق بأصحابه الذين انصرفوا عنه قبل أن يصلوا إلى الحي، وهم أكثر من الذين شهدوا معه، فقسمها بينهم على سهام الذين شهدوا. وقال السليك في ذلك:
  بكى صرد لما رأى الحيّ أعرضت ... مهامه رمل دونهم وسهوب
  وخوّفه ريب الزمان وفقره ... بلاد عدوّ حاضر وجدوب
  ونأي بعيد عن بلاد مقاعس ... وأن مخاريق الأمور تريب
  فقلت له لا تبك عينك إنها ... قضية ما يقضى لها فتثوب(٧)
  سيكفيك فقد(٨) الحي لحم مغرّض(٩) ... وماء قدور في الجفان مشوب
  ألم تر أن الدهر لونان لونه ... وطوران(١٠) بشر مرة وكذوب
  / فما خير(١١) من لا يرتجى خير أوبة ... ويخشى عليه مرية(١٢) وحروب
(١) ساقطة من ب، س.
(٢) أحماس: شجعان وفي هد، م: «فخرج في أخماس من بني سعد وبني عبد شمس».
(٣) ب، س: «استأثره»، تحريف.
(٤) زيادة في ف.
(٥) كذا في ف. وفي ب، س: «لحقوا».
(٦) في س: «حرف».
(٧) في أ: «يقضي لنا فنئوب».
(٨) الفقد: شراب من زبيب، أو عسل، أو كشوث بضمتين أو فتح وضم، وهو نبت يعلق بالأغصان ولا عرق له في الأرض. وفي م: «بسر».
(٩) مغرض: أخذ طريا.
(١٠) في ب، س: «طوان»، تحريف وفي ف: «وقاران بشر تارة». والتار: التارة.
(١١) في ب، س: «فيا خير»، تحريف.
(١٢) في ف: «سرية». وهي كغرفة: جماعة الخيل ما بين العشرين إلى الثلاثين.