أخبار السليك بن السلكة ونسبه
  رددت عليه نفسه فكأنما ... تلاقى عليه منسر(١) وسروب
  فما ذرّ قرن الشمس حتى أريته(٢) ... قصار(٣) المنايا والغبار يثوب(٤)
  وضاربت عنه القوم حتى كأنما ... يصعّد في آثارهم ويصوب(٥)
  وقلت له خذ هجمة(٦) حميريّة(٧) ... وأهلا ولا يبعد عليك شروب(٨)
  وليلة جابان(٩) كررت عليهم ... على ساعة(١٠) فيها الإياب حبيب
  عشية كرّت(١١) بالحراميّ ناقة ... بحيّ هلا تدعى به فتجيب
  فضاربت أولي الخيل حتى كأنما ... أميل عليها أيدع وصبيب
  الأيدع: دم الأخوين، والصبيب: الحناء.
  من أنباء قدرته على الاحتمال:
  قال أبو عبيدة: وبلغني أن السّليك بن السّلكة رأته طلائع جيش لبكر بن وائل، وكانوا جازوا منحدرين ليغيروا على بني تميم ولا يعلم بهم أحد، فقالوا: / إن علم السّليك بنا أنذر قومه، فبعثوا إليه فارسين على جوادين، فلمّا هايجاه خرج يمحص(١٢) كأنه ظبي، وطارداه سحابة يومه، ثم قالا: إذا كان الليل أعيا، ثم سقط أو قصر عن العدو، فنأخذه.
  فلما أصبحا وجدا(١٣) أثره قد عثر بأصل شجرة فنزعها(١٤)، فندرت قوسه فانحطمت، فوجدا(١٣) قصدة(١٥) منها قد ارتزّت(١٦) بالأرض، فقالا: ما له، أخزاه اللَّه؟ ما أشدّه! وهمّا بالرجوع، ثم قالا: لعل هذا كان من أول الليل ثم فتر، فتبعاه، فإذا أثره متفاج(١٧) قد بال(١٨) فرغا في الأرض وخدّها(١٨) فقالا: ما له قاتله اللَّه؟ ما أشدّ متنه!
(١) المنسر: قطعة من الجيش تمر قدام الجيش الكبير والسروب: جماعات الخيل.
(٢) كذا في ف. وفي ب، س: «رأيته».
(٣) كذا في ف. والقصار: الغاية. وفي ب، س: «مضاد»، وقد يكون محرفا عن مصاد كسحاب. ويراد به الغاية أيضا، وهو في الأصل: أعلى الجبل.
(٤) في ف: «والفؤاد يذوب».
(٥) يصوب: ينحدر.
(٦) الهجمة: جماعة من الإبل أولها أربعون.
(٧) كذا في أ، ف، م. وفي ب، س: «جبرية»، تحريف.
(٨) شروب: شراب.
(٩) جابان: مخلاف باليمن.
(١٠) كذا في أ، ف، م. وفي ب، س: «ساحة».
(١١) كذا في أ، م. وفي ب، س: «كدت».
(١٢) يمحص: يعدو.
(١٣ - ١٣) زيادة في ف على ما في س، ب.
(١٤) وردت هذه الكلمة محرفة في جميع النسخ.
(١٥) القصدة: القطعة مما يكسر.
(١٦) كذا في ج، ف. ومعناها: ثبتت. وفي ب، س: «ارتزنت»، تحريف.
(١٧) متفاج: متباعد ما بين رجليه وفي ج، «مفج»، من أفج بمعنى تفاج، الَّذي منه متفاج.
(١٨ - ١٨) زيادة في ج، ف. وفي ب، س: «قد بال في الأرض وجد، فقالا»، سقط وتحريف.