كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار السليك بن السلكة ونسبه

صفحة 471 - الجزء 20

  النّوار، فقال له الخثعمي: أنا أفدي نفسي منك، فقال له: السليك: ذلك لك، على ألا تخيس بي، ولا تطلع عليّ أحدا من خثعم، فحالفه على ذلك، ورجع إلى قومه، وخلَّف امرأته رهينة معه، فنكحها السليك، وجعلت تقول:

  احذر خثعم؛ فإنّي أخافهم عليك، فأنشأ يقول:

  تحذّرني كي أحذر العام خثعما ... وقد علمت أني امرؤ غير مسلم

  وما خثعم إلَّا لئام أذلَّة ... إلى الذّل والإسحاق⁣(⁣١) تنمي وتنتمي

  قال: وبلغ ذلك شبل بن قلادة بن عمر بن سعد، وأنس بن مدرك الخثعميّين، فخالفا إلى السليك، فلم يشعر إلَّا وقد طرقاه في الخيل، فأنشأ يقول:

  من مبلغ جذمي بأبني مقتول؟ ... يا رب نهب قد حويت عثكول⁣(⁣٢)

  وربّ قرن قد تركت مجدول ... / وربّ زوج قد نكحت عطبول⁣(⁣٣)

  وربّ عان قد فككت مكبول ... ورب واد قد قطعت مسبول

  قال أنس للشبل: إن شئت كفيتك القوم واكفني الرجل، وإن شئت أكفني القوم أكفك الرجل. قال: بل أكفيك القوم، فشد أنس على السليك فقتله، وقتل شبل وأصحابه من كان معه.

  وكاد الشرّ يتفاقم بين أنس وبين عبد الملك⁣(⁣٤)، لأنه كان أجاره حتى وداه أنس لمّا خاف أن يخرج الأمر من يده، وقال:

  كم من أخ لي كريم قد فجعت به ... ثم بقيت كأني بعده حجر

  لا أستكين على ريب الزمان ولا ... أغضي على الأمر يأتي دونه القدر

  مردى حروب أدير الأمر حابله ... إذ بعضهم لأمور تعتري جزر

  قد أطعن الطعنة النجلاء أتّبعها ... طرفا شديدا إذا ما يشخص البصر

  ويوم حمضة مطلوب دلفت له ... بذات ودقين لما يعفها المطر

  وذكر باقي الأبيات الَّتي تتلو هذه:

  إني وقتلى سليكا ثم أعقله

  كما ذكره من روينا عنه ذلك.

  أخبرني هاشم بن محمد عن عبد الرحمن بن أخي الأصمعيّ عن عمه فذكر ما تقدم.


(١) الإسحاق: الإبعاد، وأسحقهم اللَّه سحقا: باعدهم من رحمته.

(٢) أصل العثكول: العذق. والمراد نهب متنوع ذو شعب.

(٣) عطبول: فتية جميلة ممتلئة طويلة العنق.

(٤) هو عبد الملك بن مويلك الخثعمي، وسيأتي في الخبر التالي.