أخبار أبي نخيلة ونسبه
  دوّاجا(١) كان عليه من خز أحمر مبطن بسمّور، ثم دخلت عليه يوما ثالثا فلم يأمر لي بشيء، فحملتني نفسي على أن قلت له:
  /
  كسوتنيها فهي كالتّجفاف(٢) ... من خزك المصونة الكثاف
  كأنني فيها وفي اللَّحاف ... من عبد شمس أو بني مناف ... والخزّ مشتاق إلى الأفواف(٣)
  قال، فضحك - وكانت عليه جبة أفواف - وأدخل يده فيها ونزعها ورمى بها إليّ، وقال: خذها، فلا بارك اللَّه لك فيها.
  يغير داليته ويجعلها في السفاح:
  قال محمد بن هشام في خبره خاصة: فلما أفضت الخلافة إلى السفاح نقلها إليه وغيّرها وجعلها فيه - يعني الأرجوزة الدالية - فهي الآن تنسب في شعره إلى السفاح.
  يشفع للفرزدق عند ابن هبيرة:
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدّثني أحمد بن الهيثم بن فراس قال: حدّثني أبو عمر الخصاف عن العتبي قال:
  لما حبس عمر بن هبيرة الفرزدق وهو أمير العراق أبي أن يشفّع فيه أحدا، فدخل عليه أبو نخيلة في يوم فطر، فوقف بين يديه وأنشأ يقول:
  /
  أطلقت بالأمس أسير بكر ... فهل، فداك نفري ووفري
  من سبب أو حجة أو عذر ... ينجي التميميّ القليل الشكر
  من حلق القيد الثّقال السّمر ... ما زال مجنونا على است(٤) الدهر
  / ذا حسب ينمو(٥) وعقل يحري(٦) ... هبه لأخوالك يوم الفطر
  يعود الفرزدق إلى السجن حين علم أن شفيعه أبو نخيلة:
  قال: فأمر بإطلاقه، وكان قد أطلق قبله رجلا من عجل جيء به من عين التمر(٧) قد أفسد، فشفعت فيه بكر بن وائل فأطلقه. وإياه عني أبو نخيلة. فلما أخرج الفرزدق سأل عمن شفع له فأخبر، فرجع إلى الحبس وقال: لا أريمه ولو مت. انطلق(٨) قبلي بكري وأخرجت(٩) بشفاعة دعيّ، واللَّه لا أخرج هكذا ولو من النار. فأخبر ابن هبيرة
(١) الدواج: ويخفف: الثوب الواسع الَّذي يغطي الجسد كله، وهو في س، ب: «دراج»، تحريف.
(٢) التجفاف: آلة تلبس في الحرب للوقاية.
(٣) الأفواف: البرود اليمنية والثياب الرقيقة، جمع فوف.
(٤) في أ، ج:
«مجنوبا ممر الدهر»
والمجنوب: المقود إلى جنب غيره.
(٥) وفي أ، ف، م: «يعلي».
(٦) كذا في س. ويحري: ينقص. وفي سائر النسخ: «يزري».
(٧) عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة.
(٨) كذا في ب، س. ف. وفي أ، م: «أيطلق قبلي».
(٩) وفي ف: «وأطلق».