أخبار أبي نخيلة ونسبه
  بذلك فضحك ودعا به فأطلقه، وقال: وهبتك لنفسك. وكان هجاه فحبسه لذلك، فلما عزل ابن هبيرة وحبس مدحه الفرزدق، فقال: ما رأيت أكرم منه، هجاني أميرا ومدحني أسيرا.
  رواية أخرى لخبر هذه الشفاعة:
  وجدت هذا الخبر بخط القاسم بن يوسف، فذكر أن أبا القاسم الحضرميّ حدّثه أن هذه القصة كانت لأبي نخيلة مع يزيد بن عمر بن هبيرة، وأنه أتي بأسيرين من الشّراه أخذا بعين التمر: أحدهما أبو القاسم بن بسطام بن ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة، والآخر رجل من بكر بن وائل. فتكلم في البكري قومه فأطلقه، ولم يتكلم في التميميّ أحد، فدخل عليه أبو نخيلة فقال:
  الحمد للَّه وليّ الأمر ... هو الَّذي أخرج كلّ غمر(١)
  وكلّ عوّار(٢) وكلّ وغر(٣) ... من كلّ ذي قلب نقيّ الصدر
  / لما أتت من نحو عين التمر ... ستّ أثاف، لا أثافي القدر
  فظلَّت القضبان فيهم تجري ... هبرا(٤) هو الهبر وفوق الهبر
  إني لمهد للإمام الغمر(٥) ... شعري ونصح الحب(٦) بعد الشعر
  ثم ذكر باقي الأبيات كما ذكرت في الخبر المتقدم.
  عندما نزل به ضيف هجاه:
  أخبرني أبو الحسن الأسديّ أحمد بن محمد قال: حدّثني محمد بن صالح بن النّطاح قال:
  ذكر عن العتبي أن أبا نخيلة حج ومعه جريب من سويق قد حلَّاه بقند(٧)، فنزل منزلا في طريقه، فأتاه أعرابي من بني تميم وهو يقلب ذلك السويق، واستحيا منه فعرض عليه، فتناول ما أعطاه فأتى عليه، ثم قال: زدني يا بن أخ، فقال أبو نخيلة:
  لما نزلنا منزلا ممقوتا ... نريد أن نرحل أو نبيتا
  جئت ولم ندر من أين جيتا ... إذا سقيت المزبد السّحتيتا(٨) ... قلت ألا زدني وقد رويتا
  فقام الأعرابيّ وهو يسّبه.
  وحدّثني بهذا الخبر هاشم بن محمد أبو دلف الخزاعيّ قال: حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة قال:
(١) غمر: حقد.
(٢) العوار في الأصل: اللحم ينزع من العين. والمراد الفساد والشر.
(٣) وغر: ضغينة.
(٤) الضرب الهبر: الَّذي يقطع من اللحم.
(٥) الغمر: الكريم الخلق.
(٦) في أ، ف، م: «الجيب».
(٧) القند: على قصب السكر إذا جمد، معرب.
(٨) السحيت: السويق القليل الدسم.