كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نتف من أخبار عريب مستحسنة

صفحة 44 - الجزء 21

  من سنبس النخّاس، فباعها من المراكبي.

  قال ابن المعتز: وأخبرني يوسف بن يعقوب:

  إنه سمع الفضل بن مروان يقول: كنت إذا نظرت إلى قدمي عريب شبّهتهما بقدمي جعفر بن يحيى، قال:

  وسمعت من يحكي أن بلاغتها في كتبها ذكرت لبعض الكتّاب فقال: فما يمنعها من ذلك وهي بنت جعفر بن يحيى؟.

  وأخبرني جحظة قال: دخلت إلى عريب مع شروين المغني وأبي العبيس بن حمدون، وأنا يومئذ غلام عليّ قباء ومنطقة، فأنكرتني وسألت عنّي، فأخبرها شروين، وقال: هذا فتى من أهلك، هذا ابن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد، وهو يغنّي بالطَّنبور، فأدنتني، وقرّبت مجلسي، ودعت بطنبور، وأمرتني بأن أغنّي فغنّيت أصواتا، فقالت: قد أحسنت يا بنيّ ولتكوننّ مغنّيا، ولكن إذا حضرت بين هذين الأسدين ضعت أنت وطنبورك بين عوديهما، وأمرت لي بخمسين دينارا.

  قال ابن المعتزّ: وحدّثني ميمون بن هارون: قال:

  حدّثتني عريب قالت: بعث الرشيد إلى أهلها⁣(⁣١) - تعني البرامكة - رسولا يسألهم عن حالهم، وأمره ألَّا يعلمهم أنه من قبله، قالت: فصار إلى عمي الفضل، فسأله، فأنشأ عمّي يقول:

  صوت

  سألونا عن حالنا كيف أنتم ... من هوى نجمه فكيف يكون؟

  نحن قوم أصابنا عنت الدّهر ... فظلنا لريبه نستكين

  / ذكرت عريب أنّ هذا الشعر للفضل بن يحيى، ولها فيه لحنان: ثاني ثقيل وخفيف ثقيل، كلاهما بالوسطى، وهذا غلط من عريب، ولعله بلغها أنّ الفضل تمثل بشعر غير هذا، فأنسيته وجعلت هذا مكانه.

  فأمّا هذا الشّعر فللحسين بن الضحّاك، لا يشكّ فيه، يرثي به محمدا الأمين بعد قوله:

  نحن قوم أصابنا حادث ... الدّهر فظلنا لريبه نستكين

  نتمنّى من الأمين إيابا ... كلّ يوم وأين منّا الأمين؟

  وهي قصيدة.

  تعشق، وتهرب إلى معشوقها

  : قال ابن المعتزّ: وحدّثني الهشاميّ:

  إنّ مولاها خرج إلى البصرة، وأدّبها وخرّجها وعلَّمها الخطَّ والنّحو والشّعر والغناء، فبرعت في ذلك كله، وتزايدت حتى قالت الشعر، وكان لمولاها صديق يقال له حاتم بن عديّ من قوّاد خراسان، وقيل: إنه كان يكتب / لعجيف على ديوان الفرض، فكان مولاها يدعوه كثيرا، ويخالطه، ثم ركبه دين فاستتر عنده، فمدّ عينه إلى عريب، فكاتبها، فأجابته، وكانت المواصلة بينهما، وعشقته عريب، فلم تزل تحتال حتى اتخذت سلَّما من


(١) ف، مم: «أهلنا».