ذكر نتف من أخبار عريب مستحسنة
  عقب(١)، وقيل: من خيوط غلاظ، وسترته، حتى إذا همّت بالهرب إليه بعد انتقاله عن منزل مولاها بمدّة - وقد أعدّ لها موضعا - لفّت ثيابها وجعلتها في فراشها بالليل، ودثرتها بدثارها، ثم تسوّرت من الحائط، حتى هربت، فمضت إليه، فمكثت عنده زمانا، قال: وبلغني أنها لمّا صارت عنده بعث إلى مولاها يستعير منه عودا تغنّيه به، فأعاره عودها، وهو لا يعلم أنها عنده، ولا يتهمه بشيء من أمرها، فقال عيسى بن عبد اللَّه بن إسماعيل المراكبيّ، وهو عيسى ابن زينب يهجو أباه ويعيّره بها، وكان كثيرا ما يهجوه:
  /
  قاتل اللَّه عريبا ... فعلت فعلا عجيبا
  ركبت والليل داج ... مركبا صعبا مهوبا(٢)
  فارتقت متّصلا بالنّجم ... أو منه قريبا
  صبرت حتى إذا ما ... أقصد النّوم الرّقيبا(٣)
  مثّلت بين حشايا ... هالكيلا تستريبا(٤)
  خلفا منها إذا نو ... دي لم يلف مجيبا
  ومضت يحملها الخو ... ف قضيبا وكثيبا
  محّة(٥) لو حرّكت خفت ... عليها أن تذوبا
  فتدلَّت لمحبّ ... فتلقّاها حبيبا
  جذلا قد نال في الدّنيا ... من الدّنيا نصيبا
  أيّها الظَّبي الذي تسحر ... عيناه القلوبا
  والذي يأكل بعضا ... بعضه حسنا وطيبا
  كنت نهبا لذئاب ... فلقد أطعمت ذيبا
  وكذا الشاة إذا لم ... يك راعيها لبيبا
  لا يبالي وبأ المر ... عى إذا كان خصيبا(٦)
  فلقد أصبح عبد اللَّه م ... كشخان حريبا(٦)
  / قد لعمري لطم الوجه ... وقد شقّ الجيوبا
  وجرت منه دموع ... بكت الشّعر الخضيبا
  وقال ابن المعتزّ: حدّثنا محمد بن موسى بن يونس:
(١) العقب: العصب الذي تعمل منه الأوتار.
(٢) ف، مم: «المختار» «مهيبا» بدل «مهوبا» وكلاهما صحيح.
(٣) أقصد النوم الرقيبا أي أصاب الرقيب سهم النوم.
(٤) المراد: أنها مثلت في مخدع نومها شبحا يوهم أنه هي حتى لا تبعث الريبة.
(٥) المحّة: صفرة البيض، يشبهها بمح البيضة في اللين.
(٦) الكشخان: الديوث، والحريب: المسلوب المال، وفي مم: «كشخان مريبا»، وفي «المختار» «كشخانا حريبا».