ذكر نتف من أخبار عريب مستحسنة
  بامرأة قد أخرجت رأسها فقالت: يا فتى أنسيت(١) أجود الشّعر وأطيبه؟ أنسيت قوله:
  وعريب رطبة الشّف ... رين قد نيكت ضروبا(٢)
  / اذهب فخذ ما بايعت فيه، ثم ألقت السّجف، فعلمت أنها عريب، وبادرت إلى أصحابي خوفا من مكروه يلحقني من الخدم.
  رقيب يحتاج إلى رقيب
  : أخبرني إسماعيل بن يونس قال: قال لنا عمر بن شبّة:
  كانت للمراكبيّ جارية يقال لها مظلومة، جميلة الوجه، بارعة الحسن، فكان يبعث بها مع عريب إلى الحمّام، أو إلى من تزوره من أهله ومعارفه، فكانت ربما دخلت معها إلى ابن حامد الذي كانت تميل إليه، فقال فيها بعض الشعراء وقد رآها عنده:
  لقد ظلموك يا مظلوم لمّا ... أقاموك الرّقيب على عريب
  / ولو أولوك إنصافا وعدلا ... لما أخلوك أنت من الرّقيب
  أتنهين المريب عن المعاصي ... فكيف وأنت من شأن المريب
  وكيف يجانب الجاني ذنوبا ... لديك وأنت داعية الذّنوب
  فإن يسترقبوك على عريب ... فما رقبوك من غيب القلوب(٣)
  وفي هذا المعنى، وإن لم يكن من جنس ما ذكرته ما أنشدينه عليّ بن سليمان الأخفش في رقيبة مغنّية استحسنت وأظنه للنّاشئ:
  فديتك لو أنهم أنصفوا ... لقد منعوا العين عن ناظريك(٤)
  ألم يقرؤا ويحهم ما يرو ... ن من وحي طرفك في مقلتيك
  وقد بعثوك رقيبا لنا ... فمن ذا يكون رقيبا عليك
  تصدّين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلا إليك
  من بلاط الأمين إلى بلاط المأمون
  : قال ابن المعتز: وحدثني عبد الواحد بن إبراهيم، عن حماد بن إسحاق، عن أبيه، وعن محمد بن إسحاق البغويّ، عن إسحاق بن إبراهيم:
  أنّ خبر عريب لمّا نمي إلى محمد الأمين بعث في إحضارها وإحضار مولاها، فأحضرا، وغنّت بحضرة إبراهيم بن المهديّ تقول:
(١) ولو قرئت (أأنسيت) بالبناء للمجهول على أن الجملة خبرية لا إنشائية لكان ذلك حسنا.
(٢) المعروف: إن رطوبة الشفرين ليست من الصفات المستحسنة في المرأة، فلعل الشاعر يكنى بذلك عن استدامة غشيان الرجال لها بدليل تتمة البيت.
(٣) ف: «من ريب القلوب».
(٤) ف، «والمختار»:
«فديتك لو أنهم أنصفوك ... لما منعوا العين عن ناظريك «