ذكر نتف من أخبار عريب مستحسنة
  مجلسك؟ فقال: بحياتي عليك! قالت: محمد بن حامد، فسكت.
  تحب أميرا وتتزوج خادما
  : قال ابن المعتز: وحدثني محمد بن موسى: قال:
  اصطبح المأمون يوما ومعه ندماؤه، وفيهم محمد بن حامد وجماعة من المغنين، وعريب معه على مصلَّاه، فأومأ محمد بن حامد إليها بقبلة، فاندفعت تغني ابتداء.
  /
  رمى ضرع ناب فاستمرّ بطعنة ... كحاشية البرد اليمانيّ المسهّم
  تريد بغنائها جواب محمد بن حامد بأن تقول له: طعنة، فقال لها المأمون: أمسكي، فأمسكت، ثم أقبل على النّدماء فقال: من فيكم أومأ إلى عريب بقبله؟ واللَّه لئن لم يصدقني لأضربنّ عنقه، فقام محمد، فقال: أنا يا أمير المؤمنين أو مأت إليها، والعفو أقرب للتقوى، فقال: قد عفوت.
  فقال: كيف استدلّ أمير المؤمنين على ذلك؟ قال: ابتدأت صوتا، وهي لا تغني ابتداء إلا لمعنى، فعلمت أنها لم تبتدئ بهذا الصوت إلا لشيء أومئ به إليها، ولم يكن من شرط هذا الموضع إلَّا إيماء بقبلة، فعلمت أنها أجابت بطعنة.
  قال ابن المعتز: وحدثني عليّ بن الحسين:
  أنّ عريب كانت تتعشق أبا عيسى بن الرشيد وروى غيره أنها كانت لا تضرب المثل إلا بحسن وجه أبي عيسى وحسن غنائه، وكانت تزعم أنها ما عشقت أحدا من بني هاشم وأصفته المحبّة من الخلفاء وأولادهم سواه.
  قال ابن المعتز: وحدثني بعض جوارينا:
  إنّ عريب كانت تتعشّق صالحا المنذريّ الخادم، وتزوّجته سرّا، فوجّه به المتوكل إلى مكان بعيد في حاجة له، فقالت فيه شعرا، وصاغت لحنه في خفيف الثقيل وهو:
  صوت
  أمّا الحبيب فقد مضى ... بالرغم منّي لا الرّضا
  أخطأت في تركي لمن ... لم ألق منه معوّضا(١)
  قال: فغنّته يوما بين يدي المتوكل، فاستعاده، وجعل جواريه يتغامزن ويضحكن، فأصغت إليهنّ سرّا من المتوكل، فقالت: يا سحّاقات، هذا خير من عملكنّ.
  قبلي سالفتي تجدي ريح الجنة
  : قال: وحدّثت عن بعض جواري المتوكل، أنها دخلت يوما على عريب، فقالت لها: تعالي ويحك إليّ، فجاءت. قال: فقالت: قبّلي هذا الموضع منّي فإنك تجدين ريح الجنّة فأومأت إلى سالفتها(٢)، ففعلت، ثم قالت لها: ما السبب في هذا؟ قالت: قبّلني صالح المنذريّ في ذلك الموضع.
(١) ب، مم: «عوضا» والمثبت من ف، وهو أرجح؛ لأن البيتين من مجزوء الكامل لا مجزوء الرجز. وفي «المختار»: «لم ألف».
(٢) السالفة: ناحية مقدم العنق من لدن معلق القرط إلى نقرة الترقوة.