كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نتف من أخبار عريب مستحسنة

صفحة 52 - الجزء 21

  وقت انسجام لا وقت ملام

  : قال ابن المعتز: وأخبرني أبو عبد اللَّه الهشاميّ قال: حدثني حمدون بن إسماعيل، قال: حدثني محمد بن يحيى الواثقيّ، قال:

  قال لي محمد بن حامد ليلة: أحبّ أن تفرغ لي مضربك، فإني أريد أن أجيئك، فأقيم عندك، ففعلت، ووافاني، فلما جلس جاءت عريب، فدخلت.

  وقد حدّثني به جحظة: قال: حدثني أبو عبد اللَّه بن حمدون:

  أنّ عريب زارت محمد بن حامد، وجلسا جميعا، فجعل يعاتبها، ويقول: فعلت كذا، وفعلت كذا، فقالت لي: يا محمد، هذا عندك رأي⁣(⁣١)؟ ثم أقبلت عليه، فقالت: يا عاجز خذ بنا فيما نحن فيه وفيما جئنا إليه.

  / وقال جحظة في خبره:

  اجعل سراويلي مخنقتي، وألصق خلخالي بقرطي، فإذا كان غد فاكتب إليّ بعتابك في طومار حتى أكتب إليك بعذري في ثلاثة، ودع هذا الفضول، فقد قال الشّاعر:

  صوت

  دعي عدّ الذّنوب إذا التقينا ... تعالي لا أعدّ ولا تعدّي⁣(⁣٢)

  وتمام هذا قوله:

  فأقسم لو هممت بمدّ شعري ... إلى نار الجحيم لقلت مدّي

  الشعر للمؤمّل: والغناء لعريب، خفيف رمل، وفيه لعلوية رمل بالبنصر من رواية عمرو بن بانة:

  مع ثمانية من الخلفاء

  : أخبرني أبو يعقوب إسحاق بن الضحّاك بن الخصيب: قال:

  حدثني أبو الحسن / عليّ بن محمد بن الفرات قال: كنت يوما عند أخي أبي العباس، وعنده عريب جالسة على دست مفرد لها، وجواريها يغنّين بين يدينا وخلف ستارتنا، فقلت لأخي - وقد جرى ذكر الخلفاء -: قالت لي عريب: ناكني منهم ثمانية ما اشتهيت منهم أحدا إلا المعتزّ، فإنه كان يشبه أبا عيسى بن الرشيد. قال ابن الفرات:

  فأصغيت إلى بعض بني أخي، فقلت له: فكيف ترى شهوتها الساعة، فضحك ولمحته، فقالت: أيّ شيء قلتم؟

  فجحدتها. فقالت لجواريها: أمسكن، ففعلن، فقالت: هنّ حرائر لئن لم تخبراني بما قلتما لينصرفن جميعا، وهنّ حرائر⁣(⁣٣). إن حردت من شيء جرى، ولو أنها تسفيل، فصدقتها. فقالت: وأي شيء في هذا؟ أما الشهوة فبحالها، ولكن الآلة قد بطلت⁣(⁣٤) أو قالت: قد كلَّت، عودوا إلى ما كنتم فيه.


(١) الجملة استفهامية حذفت منها أداة الاستفهام، كأنها تقول له: أتوافق على أن هذا وقت عتاب.

(٢) لا في «لا أعد» نافية؛ لأن المرء لا ينهى نفسه؛ ولا الثانية ناهية بدليل حذف النون.

(٣) استئناف لكلام جديد، تبين فيه أنها لن تغضب مما يتسارون به في شأنها مهما يكن.

(٤) ولكن الآلة قد بطلت: تريد أن شبابها ولى.